بقلم.... انتصار عسيري

هناك أعمال فنية تجمد الدماء في العروق، وتتسارع نبضات قلبك عند رؤيتها..
وتعود لنفس العمل مرارًا وبعد سنين طويلة لكي تشعر بتجمد الدماء مجددًا وتسارع الضربات والأنفاس..
ما سرُّ تلك الشرارة والوميض الساطع الذي يضرب روحك وعقلك بعدها..!؟
ما سرُّ تلك الأعمال التي تحفر في قلبك هوة سوداء، وغربان سود، وعيون سوداء متلصصة عليك وتطاردك إلى أن تتعلم الدرس ثم تغادرك ضاحكة هازئة منك؟!
لأن هناك أعمال وجودها ضرورة، كي تخرج العالم من بؤسه وأوهامه وحدودة..
هناك أعمال جريئة، صارخة بالغضب..
لأن الأعمال الفنية تحتاج إلى شخص شجاع، لا يتوارى خلف الظلال، وخلف المألوف، وخلف اللاشيء.
فنك هو نتاج خياراتك في الحياة، وحرارة دموعك، وغصتك أمام الأفكار الجائرة والمعتادة والبالية فنك هو معركتك التي تستمتع بكل لحظاتها، وروح التحدي لتقول للجميع أنا هنا، وقد مررت يوما من هنا، هذه تجاربي وقضيتي ووجهتي ومآلي وتمردي وصوتي أنا،
وفني ليس محاكاة للآخرين، وأعمال لا تحاكي فقط المثالية والإنسانية والعدالة وأمور كثيرة مألوفة،
هذه الأعمال سميت بالأعمال الكاملة والخالدة..
لأن هذه الأعمال قادرة على نبش ضريح بداخلك، والعبث فيه، ثم ترتيب رفاتك، ثم إغلاقه ومغادرتك..

وفي مقالي هذا لا أنوي ذكر أي مثال لتلك الأعمال الكاملة، لأدع لك مهمة البحث عنها وعيش هذه التجربة لوحدك، فمن هنا تبدأ تجربتك الشخصية وهي إحدى الخطوات الضرورية للبدأ بتكوين نظرتك الخاصة للفن، جد صوتك الداخلي وجد نفسك وتحرر من أفكار الآخرين وجد فكرتك الخاصة، وبعدها قد تكون في يوما ما صاحب عمل خالد أيضآ.