بقلم.. أمل حسن جلال

ليست تلك الجرَّة المصنوعة من الفخار والطين والتي تخفي ما بداخلها.

 بل هي نوع حديث أُكتشف بالممارسة وكأنها مصنوعة من الزجاج الشفاف لتكشف ما بداخلها.

هي جرَّة يحملها كلٌّ منَّا فوق رأسه لكن يا ترى من يحمل جرَّة العسل ومن يحمل جرَّة الفول؟!

قد لا يراها الشخص وإنما يراها الآخرون من خلال تعاملاتهم وحديثهم مع صاحبها تتكاثر فيها الأفكار المبتكرة والمبدعة والأفكار البسيطة المكررة قد تكون نتاج تربية أو تلقين وقد تكون نتاج جهد عظيم أو عقيم أو نتاج قسوة وربما شئ من لين ولربما يكتسبها الشخص من ميدان تجربة وتعليم ولا يزال كل منا يضع داخلها ما يضع إما نحلة تصنع العسل

حتى تتصدع بالأفكار وتنمو الأزهار فيخرج من فوهتها عسلا باهظ الثمن عند أول حديث تتحدثه مع من أمامك أو قد تصب الفول زاهد الثمن مدشوشا يلتقمه البسطاء.

لا تتسرع في شراء العقول والحكم عليها والتعامل معها حتى تتأكد وتتذوق حلاوة العسل فبعضها لازال عالقا بها شيئا من النحل فيوهمك بحلاوته ووضعت حبَّات الفول فوقه.

 قف هنا وتريث فليس كل ما تراه أو تسمعه صحيحا تأكد أن النحل يصب في فوهتها وتحلِّق عندها الفراشات هنا أقول لك لا تتردد اعقد صداقة مع ذلك الفكر النير فتلك الفتاة الباسمة الوضاءة يشرق من محياها النور ويقطر العسل من فيها فيزيدها بهاء وزهاء وسرورا فتاة لا يطرق اليأس لها باب ولا تفتح له نافذة وإن غاب يظل مكررا محاولاته حتى يصالح الفشل ويعقد معه صلحا وصداقة حميمة فيتنحيا بعيدا بلا عودة..

وكلَّما سطعت شمس الأفكار ازدادت الجرَّة لمعانا وبريقا فالتفاؤل يمنحنا حياة فوق الحياة ويظل الآخرون يلعقونه من فوق رؤوس المتفائلين الذين قرَّروا أن يرتقوا منابر المجد غير متوانين يصعدون سلالم المحاولات بحذر ويقين وفكر يفوح نرجسا وياسمين ليس لديهم وقت للتشاؤم والتخاذل والكسل يكسرون جرار الطين ويحكمون إغلاق جرَّة الفول لتبقى رهينة عقولهم فقط فلا تتسرب وتنحدر لغيرهم.

وقد كان ديننا العظيم يحثنا على التَّفكُّر والتَّدبر وحسن الفأل والتأويل محذرا من الطيرة والتشاؤم والاستسلام لرغبات الهوى والشيطان.

فحريٌّ بنا كمسلمين أن نفتح عقولنا ونغمض العين عن السُّذج الذين انساقوا خلف الأفكار المحبطة والحزينة التي لا يتدفق منها سوى القلق والآلام.

كلا الجرتين بها زادا أحدهما حلو المذاق لكن لا يستطيع البسطاء شراؤه والآخر مالحا قد تجده لدى الصغار قبل الكبار لذا عليك أن تتخير ما تحمله فوق رأسك وهل يتناسب مع سنك ومكانتك لا تنحني إلا وأنت واثق من أن الذي سيتدفق عسلا . 

ولتكن أفكارك شهدا متجددا تقودك للتميز ولا تقبل أن تكون عاديا بفكر يتبادله الجميع كحبات الفول أنت صاحب القرار فاختر ما شئت إما أن تحمل جرة من عسل تصبها لمن حولك أو تحمل جرة من فول تحكم إغلاقها حتى لا تُصاب بالإحباط نمِّ فكرك بالقراءة والاطلاع والتعلُّم لتتألق وتستنير.