هلال العيسى

في ظل ارتفاع تكلفة المعيشة، أصبح إلزامًا عليك التفكير في كيفية الادخار وكسب المزيد من المال لتعزيز وضعك المالي الآن، وفي المستقبل، فمن المعروف أنه ليس سهلاً وضع ميزانية شهرية والالتزام بها ولكن ليس مستحيلاً أيضًا، لذلك فأنت بحاجة إلى امتلاك بعض المهارات التي تعينك على تنظيم الدخل والنفقات بالإضافة إلى إدارة جزء من الدخل ليساعدك على تحقيق دخل إضافي، لهذا سنناقش فيما يلي بعض الخطوات التي من شأنها مساعدتك في وضع استراتيجية للادخار والاستثمار بطريقة ناجحة.

فكان لصحيفة سعودِبوست هذا الحوار الذي يجسد واقعنا : مع الأستاذ /محمد الحسين مستشار إداري في أرامكو السعودية، ماجستير إدارة أعمال من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وعلوم حاسب آلي من جامعة شيكاغو’.

في بداية حديثنا معه :سرد “الحسين ” قصه لأحد أصدقائه، وقال تحدثت معه قليلاً عن المال والفرص المتاحة، كان يتكلم بمزيج من الأمل والقلق، إلى أن أطرق رأسه بحسرة وقال: “أعمل منذ عشرين عام، ولم أدخر شيئًا”.

وحيث قال :

حالة صاحبي هذا تكررت أمامي مرارًا وإن تفاوتت التفاصيل. يمضي أحدهم سنوات في الوظيفة، يتعب فيها ويشقى، ثم ينظر إلى رصيده لتتملّكه حالة من الأسى على الماضي والخوف من المستقبل، ومهما تغافل أو تلهّى تبقى الحقيقة المرة تعكر مزاجه وتقضّ مضجعه: “لم أدّخر شيئًا”.

 أستاذ محمد؛ هل الادخار مطلب مهم بحياة الفرد؟ولماذا الادخار مهم؟

باختصار؛ لأنه الوسيلة الأفضل لتحقيق أهدافك المالية، فبالإضافة إلى كونه حصانة أمام نوائب الدهر (القرش الأبيض)، فإن ادخارك للمال يمكّنك من تحسين المستوى المالي لأسرتك على المدى البعيد، فتهيىء السكن المناسب والتعليم الجيد والتأمين الصحي. كما أن الادخار هو وقود الاستثمار ومضاعفة المال، وبدونه يصعب الوصول إلى الحرية المالية.

1.6% فقط!

ماهي أهمية الادخار بنظرك ؟

الادخار يا أخ هلال : فيه ضمان مستقبل آمن ومزدهر للأسرة، إلا أن المتأمل في الأرقام الرسمية عن الادخار يلاحظ فورًا أن الأمر بحاجة إلى معالجة جادة، خذ مثلاً (مسح دخل وإنفاق الأسرة) الذي أجرته الهيئة العامة للإحصاء في المملكة في 2018، حيث أشار المسح إلى أن متوسط دخل الأسرة السعودية الشهري بلغ 14,823 ريالاً، بينما بلغ متوسط الإنفاق الاستهلاكي للأسرة السعودية 14,584 ريالاً. هذا يعني أن متوسط ادخار الأسرة هو 239 ريال فقط شهريًا.

بعبارة أخرى فإن الأسرة السعودية تدخر (1.6%) من دخلها فقط، وهو ما أكده تقرير الشركة الاستشارية KPMG الصادر في مايو 2020 بعنوان (تحليل ادخار الأسرة في السعودية). إن هذا الرقم يقل كثيرًا عن الهدف الذي رسمته رؤية 2030 وهو السعي لرفع ثقافة الادخار إلى 10%.

هل هي ظروف أم تقصير أستاذ محمد؟

هنا نتساءل: ما السبب وراء انحسار مدخرات الأسرة السعودية؟ هل هي الظروف الاقتصادية والاجتماعية، أم أن ذلك نتيجة عادات وسلوك أفراد الأسرة؟ برأيي، كلا الأمرين ساهم في خلق هذه الحالة.

فبالنظر إلى الظروف الحالية، يجد رب الأسرة نفسه في مواجهة تحديات مختلفة عن تلك التي عاشها أسلافه. هذه التحديات جاءت نتيجة تغيرات اقتصادية واجتماعية. على سبيل المثال، تتضخم الأسعار سنويًا بوتيرة تفوق كثيرًا معدل زيادة الدخل. ففي حين ارتفع دخل الأسرة السعودية من 2007 إلى 2018 بنسبة 5.3% فقط، تضخمت الأسعار بنسبة 49.5% خلال المدة نفسها. ومن الطبيعي أن يستمر التضخم خصوصًا مع إدراج الضرائب ورفع الرسوم.

مواجهات رب الأسرة للضغوطات لماذا لايكون لها حل؟

يواجه رب الأسرة ضغوطًا اجتماعية مستمرة لزيادة الإنفاق على الضرورات والكماليات، فمفهوم (الضرورات) توسع كثيرًا في السنوات الأخيرة (كم جهاز جوال في بيتك اليوم؟). صاحب ذلك سعي متزايد وراء الكماليات والرغبات التي تشكل ضغطًا إضافيًا على ميزانية الأسرة، هذا بالإضافة إلى المقارنات الاجتماعية التي استشرت بفعل وسائل التواصل و “المؤثرين” الذين لا ينفكّون عن تحريض أفراد الأسرة على الإنفاق.. والمزيد من الإنفاق.

ماذا عن رب الأسرة؟

حيث قال: أن مع الظروف الاقتصادية والضغوط الاجتماعية، فإن دور رب الأسرة في ترشيد الإنفاق وتحسين الادخار أصبح ضروريًا أكثر من أي وقت مضى، ولكن هذا لا يمكن إلا بالسعي إلى ثقافة وتوعية مالية قوية أقول (السعي)، أي أن عليه أن يبادر بنفسه في التعلم والبحث عما ينفعه في هذا المجال، وألا ينتظر أن تهطل عليه الحلول من السماء واليوم هناك كتب وبرامج توعوية كثيرة يمكن الاستفادة؛

وأكمل حديثه قائلا: الشركات والبنوك تقدم اليوم حلولاً وبرامج ادخارية عديدة يمكن الالتحاق بها وقد ثبت أثر التوعية المالية في تحسين الادخار على مستوى الأفراد والمجتمعات في دول عدة، والمأمول أن يحصل ذلك في المملكة مع تضافر الجهود إن شاء الله.

وحيث أكد؛ إن رب الأسرة الذي يمحو (الأمية المالية) بالتعرف على أساسيات الإدارة المالية، مثل وضع ميزانية بسيطة ومتابعة الإنفاق وسداد الديون والادخار، والذي يتعلم كيف يحسّن عاداته في إدارة المال، ويمتلك القدرة على تنشئة أبنائه ماليًا بالشكل الصحيح، يستطيع أن يتعايش مع الظروف ويدّخر ويبني لأسرته مستقبلاً ماليًا مشرقًا بإذن الله.

ختامًا نتقدم لك بالشكر والتقدير أستاذ محمد على هذه المعلومات التي تكون سببًا لوعي المجتمع بطريقة الادخار وأهميته

الشكر لله أخ هلال …وأشكرك وأشكر”بوست” على أتاحت الفرصة لتحدث عن هذا الموضوع المهم للجميع بارك الله في جهودكم.