خالد جعفري

أقام مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني عن بعد  يوم  أمس الأربعاء 4 شعبان 1442هـ الموافق 17 مارس 2021م، لقاء حوارياً بعنوان: “الثقافة الرقمية وعملية التحول الوطني”، والذي جاء ضمن مبادرة “الحوار الرقمي” التي ينفذها المركز في إطار مشاركته في فعاليات ملتقى مكة الثقافي الخامس المقامة تحت عنوان: “كيف نكون قدوة في العالم الرقمي؟”.

واستضاف اللقاء الذي أدارته الأستاذة/ إيناس فرج، مشرفة المركز في منطقة مكة المكرمة، كلاً من الدكتور/ عبد الرحمن بن علي فارس الحازمي الأستاذ المشارك في كلية إدارة الأعمال قسم إدارة الموارد البشرية، والدكتورة نوف الغامدي الرئيس التنفيذي لمجموعة COC للاستشارات الإدارية والاقتصادية والاستراتيجية، والأستاذ علي أحمد القاسم مدير مكتب قناة الإخبارية بجدة.

وفي بداية اللقاء أكدت الدكتورة نوف الغامدي أن المملكة شهدت وتيرة سريعة في التحول الرقمي، لافتة إلى تبني المملكة لمفهوم التحول الرقمي الحكومي وذلك عبر برنامج التحول الوطني الذي يؤكد التزام القيادة الحكيمة بوعودها ويوضح مدى التطور والتقدم الذي شهدته المملكة في السنوات الخمس الماضية، مؤكدة على أهمية التحوّل الرقمي للمملكة لتحقيق رؤية ٢٠٣٠، مبينة أن التحوّل الرقمي هو الوقود الذي سيحقق قفزات نوعية لاقتصادنا وتطورنا الاجتماعي نحو المستقبل، ويساهم في تمكين الأفراد وقطاع الأعمال والقطاع الحكومي، ويعزز من القدرة على استثمار الفرص التي توفرها الرقمنة.

وأشارت الغامدي إلى أن رؤية المملكة 2030 حرصت على تطوير البنية التحتية الرقمية والمرتبطة بالاتصالات وتقنية المعلومات و الاستثمار في ذلك القطاع وبناء سياسة متكاملة للتحول الرقمي، موضحة أن المملكة قدمت نموذجًا في توظيف الأنظمة الذكية خلال جائحة كورونا عبر إطلاق عدد من المنصات التفاعلية التي ساهمت في استمرار عمل جميع القطاعات دون توقف واستيعاب المجتمع بشكل سريع لتلك المتغيرات، كذلك ساهمت البنية التحتية الرقمية السعودية في نجاح أعمال قمة العشرين التي استضافتها المملكة عن بعد في وقتٍ استثنائي تفشى فيه فيروس كورونا وألقى بظلاله على مناحي الحياة المتعددة صحيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.

ولفتت الغامدي إلى أن الأمن السيبراني بات من أهم جوانب الأمن في الحياة المعاصرة لذا فقد أصبح مطلبًا حيويًا للمحافظة على خصوصية وسلامة تصرفات الأفراد والهيئات، لقدرته على الدفاع عن أجهزة الكمبيوتر والأجهزة المحمولة والأنظمة الإلكترونية والخوادم في جميع الجهات الحكومية والخاصة، داعية إلى تكثيف الجهود المعززة للأمن السيبراني، والعمل على نمو هذا القطاع وتشجيع الاستثمار والابتكار فيه، وأيضا تحفيز إطلاق المبادرات الوطنية والدولية لتعزيزه.

بدوره سلط الدكتور/ عبد الرحمن الحازمي الضوء على ماهية الثقافة الرقمية، لافتا إلى أنها تشير إلى قدرة الأفراد في المجتمع على التواصل السليم مع الآخرين من خلال الوسائل التقنية المختلفة، واستخدام الأجهزة والأنظمة والتطبيقات الرقمية في تعزيز أدوارهم وتقديم خدماتهم للمجتمع مع ضرورة الالتزام بالأخلاقيات المستمدة من ثقافة هذا المجتمع.

وأكد الحازمي أن الثقافة الرقمية أضحت ثقافة الصغير والكبير في عصرنا هذا، فالجميع راح ينهل من محتوياتها ويطّلع عليها بنهم كبير، ومن هنا أصبحت محور الاهتمام ومن ضمن الأولويات التي توليها المؤسسات في المجتمعات المختلفة، وذلك من أجل نشر الوعي التقني والاستخدام الأمثل لتلك التقنية في تيسير المهام والعمليات وتقديم الخدمات للمستفيدين بكل جودة وإتقان، لاسيما في ظل جائحة كوفيد19، لافتا إلى تجاوز المملكة لاختبار كورونا، ونجاحها في تعزيز الثقافة الرقمية وتكوين عصب حياة للمستقبل.

وأشار الحازمي إلى أهمية قطاع الأمن السيبراني، لاسيما في ظل التطور الهائل الذي نعيشه في هذا القرن في استخدامات الحاسب، وما صاحبه من تنوع في الوسائل الاتصالية، والبرامج الحاسوبية وتطبيقاتها، مؤكدا أن المملكة أولت هذا القطاع الحيوي اهتماما كبيرا عبر تخصيصها 1.6 مليار ريال على أمنها السيبراني والأنظمة الداعمة لها خلال العام الماضي متوقعا أن يكون يصل حجم إنفاقها إلى نحو ملياري دولار هذا العام، لافتا إلى أن المملكة حققت إنجازات ووثبات في التقييمات العالمية لمؤشرات الأمن السيبراني، مضيفاً أن ذلك كان طبيعياً كون السعودية لديها أبعاد اقتصادية وسياسية ودينية كهدف لكثير من الهجمات السيبرانية الموجهة التي تستهدف القطاعات الحيوية والحكومية والمالية.

من جهته، أكد الأستاذ علي القاسم على الدور الكبير الذي يضطلع به الإعلام في تنمية الثقافة الرقمية من خلال العمل على نشر وتعزيز ورفع الوعي بأهمية الاتصالات وتقنية المعلومات لدى جميع أفراد المجتمع بمختلف فئاتهم وأطيافهم الفكرية وتمكينهم من التعامل بفاعلية ويسر مع هذه الوسائل، وردم الفجوة الرقمية بينهم، لافتا إلى أهمية نشر الثقافة والمعرفة الرقمية، وزيادة استخدام تقنية المعلومات، والمسارعة في التحول إلى مجتمع المعلومات، مشيرا إلى دور المواطنة الرقمية في تشكيل الثقافة للمجتمع.

وأوضح القاسم أن الإعلام بوسائله المتطورة قاطرة مهمة في تنفيذ برامج التحول الوطني، كونه أقوى أدوات الاتصال العصرية التي تعين المواطن على معايشة مبادرات ونشاطات برنامج التحول الوطني والتفاعل معها، وذلك لقدرة الإعلام على شرح القضايا وطرحها على الرأي العام، مؤكدا أن الإعلام بوسائله العديدة يعد جزءًا أساسًا من أي مشروعٍ تنمويٍ ناجح، ذلك أن مشروعات التنمية لا يمكن أن تنجح إلا بمشاركة المواطنين، وهو أمر لا يتحقق إلا بمساعدة الإعلام والاستعانة بمختلف وسائطه ووسائله.

يذكر أن المركز يشارك في ملتقى مكة الثقافي في دورته الخامسة بإقامة ثمانية لقاءات افتراضية تسلط الضوء على عدد من القضايا الحوارية المختلفة التي تنسجم مع طبيعة الملتقى ومع رسالة وأهداف المركز لنشر وتعزيز ثقافة الحوار وترسيخ قيم التعايش والتلاحم الوطني.