بقلم /عائشة أحمد سويد

أنسنة السجون ..

ساعاتان في السجن كعمر .. 

وجوه شاردة تنتظر المجهول إما بالعفو أو قضاء المدة المقررة .. أو الإعدام . فتيات في عمر الزهور خالفهن الحظ في أن يكنَّ ذوات شأن أو أقل القليل لهن مكان في هذا الفضاء الرحب الذي لم يتسع لهن فدفعن ثمن ضيقه إلى ما هو أضيق. مالذي أوصلهن لهذا الجحيم . خُتم عليهن بالجريمة من مجتمع الحرية. كيف لهذه العقول الكبيرة والعمر الصغير أن تكون هنا لولا أنها ضحية مجتمع هو من صنعها فهو المجرم الأول الذي يجر من خالفهم الحظ إلى إجرامه ليتخلى عنهم لينزوون عنه في غياهب الذل . قل لي بربك فتاة في عمر العشرين لم هي مجرمة !!! تداري وجهها بخيبة الاستحياء وادعاء اللا مبالاة. فعلا هو المجتمع المجرم الذي خالفها حظها وجعله عاثرا، وتلك تحتضن طفلها وما ذنبها سوى مجتمع متخلخل من القيم ولم ينل من القيم سوى الثقة التي منحت لغير أهلها. الثقة العمياء التي جعلتها تحمل بين ذراعيها طفلا كلما نظرت في عينيه بادرها بسؤال أهذا هو بيتنا الثاني فلا مدرسة تنتظر غدا عودته منها ليتلهف لقاءها. وتتجرع مرارة ألا مستقبل ستبنيه معه فحتما سيغادرها إذا ما أكمل عامه الثاني. وقد تتبناه أسرة تخضع لمجتمع إما أن يجعله صالحا أو مجرما ليعود أدراجه حيث نشأ!! لبيته الثاني، سجينات منهن من هي أشبه بمعلولة نفسيا تضحك وتكعكع وتارة تنظر إليك وهي ممتلئة بهيبة ووقار وكأنها تعطيك صورة مصغرة لعينة المجتمع الذي تعيشه ويقوم على الازدواجية تجولت في ردهات السجن فلا خصوصية أبدا الكبيرة مع الصغيرة. شاشة التلفزيون هي وسيلة الترفيه الوحيدة ببرامجها المملة . مكتبة تخلو من الكتب سوى كتب كتبت لكي لا تقرأ لذا كان مصيرها أرفف السجن .. !!!؟؟؟  

رسالة عامة ..

ماذا لو دعمت المكتبات المنثورة في أرجاء الوطن السجون بما يفيض عليها من كتب وأدوات رسم وأقلام وغيرها مما يجد فيه المساجين من الجنسين متنفس من هذا العالم الضيق المخنوق أكاد أجزم بعظيم الأجر لك. فأنت هنا تعطي أناس لم يعطهم المجتمع شيئا سوى وصفهم بالإجرام وفي ذات الوقت عطاؤك مخلص لله لأنك لن تجد منهم مقابل. وماذا عن مراكز الترفية والألعاب لو أنها دعمت السجون بألعاب وأجهزة وتكفلت ببناء صالات وكشكات ومطاعم تشبع لديهم جوانبا إنسانية يٌمضي فيه السجين وقته لو كان موعودا بالخروج بدلا من أن يخرج وهو يضيف على رصيد السوء الذي جلبه لهذا المكان رصيدا إضافيا آخر ، وأهيب بأصحاب الدورات المهنية بأن يجعلوا لهم جانبا لهذه الفئة التي ركلها الزمن لقعر البركان وما ضر لو كانت فترة سجنه طويلة أو محكوما بالإعدام أن يرفه عنه بما أنه لم تعد لديه حياة أصلا سوى ما يخبئه له القدر ..

ولا أراكم الله مكروها لا في أنفسكم ولا في من تحبون ..