بقلم... د/عثمان بن عبدالعزيز آل عثمان

تستقبلُ أُمتُنا الإسلاميةُ في هذه الأيام ضيفًا عزيزًا تتشوَّقُ القلوبُ إلى استقباله، إنه عيدُ الأضحى المبارك، الذي تهفــو إليه الأرواحُ، وتتعلَّق به النفوسُ، ويتقدَّسُ ذكـــرُه في القلوب.
وينبغي على من أدركَ هذه الأيامَ – خير أيامِ الدُّنيا- أن يتسابقَ إلى فعل الخيراتِ والطاعات والأعمالِ؛ فهي فرصةٌ عظيمةٌ ينبغي على كلِّ مسلمٍ حكيم فطِن أن يغتنمَها؛ ليُنقِّي قلبَه، ويُصفِّي نفسَه، وهي فرصةٌ كبرى لإصلاح ذاتِ البين، وترميم ما فسد من العلاقات الاجتماعيةِ، من خلال صِلة الرحم التي أَقسم الله تعالى أنه من وصلَها وصلتهُ، ومن قطَعها قطعتهُ.
والسؤال الذي يدورُ في ذهني الآن: هو كيف نستقبلُ العيد؟
هل نستقبلُ العيد بالابتعاد عن الخلافاتِ والمقاطعات، والحسد، والحقد والكراهيةِ، ونبذ أسبابِ الفُـرقة؟ ونستبدلُها بصفحاتٍ مُشرقةٍ وقلوبٍ ناصعةِ البياض، ونجتمعُ متآلفينَ متحابين مع الإخوة والأخوات، وذوي الأرحام، والأصدقاء، وكلِّ المواطنين والمقيمين؛ لِتنزلَ علينا الرحماتُ، ويغمُــرَنا الله تعالى بواسع فضلِه، وعظيم إحسانِه، ونبتعدَ عن كل ما يضرُّ ويُسيءُ إلى احترامِنا لأنفسنا ومعتقداتنا ومبادئنا، ونُحسِنَ استغلالَ مواسم الخير والعطاء بالتسامح والصفح والمغفرة لكلِّ إساءة، أم ماذا؟
هل يمكنُك تصورُّ النتيجةِ معي؟ ما النتيجةُ يا ترى؟
لو حدث هذا بالفعل فإنك سترى، وتسمعُ عن أصحاب النفوس الطيبةِ الطاهرة، والقلوب الشاكرةِ، والوجوه المُستبشرة الباسمةِ، أصحاب الهمم العالية، ورجال المواقف الصعبة الشرفاء المُخلصين المُحبِّـين للخير، والقادرين على التغيير في المجتمع لِخدمة الدين ثم الوطن، والمقيمين على أرض الحرمين الشريفين.
وإذا لم يحدثْ هذا فنحن- بكلِّ أسفٍ شديدٍ- سنخرجُ من العيد ولم نستثمرْ مواسم الخيراتِ والطاعات، ولم نحسنِ استقبالَ العيد، ويجب علينا مراجعةُ أنفسنا، ومحاسبتها محاسبة الشريك الشحيح، إن كنا نريدُ العيش في سعادةٍ واستقرار نفسيٍّ، واجتماعيٍّ.
وأخيرًا أرجو أن تكون كلُّ أعيادِ المسلمين والمسلمات فرحًا وسرورًا في مشارقِ الأرض ومغاربها، وكلُّ عامٍ وأنتم بأَلفِ خير.