ماهر عبد الوهاب

شهدت الجلسة الثانية، من ملتقى قراءة النص 18، الذي ينظمه النادي الأدبي الثقافي بجدة، بالشراكة مع جامعة العلوم والتكنولوجيا، تقديم (4) أوراق بحثية، تحت إدارة الدكتورة أشجان هندي، وتنوعت مشارب الأوراق، حيث طرحت الدكتورة عزيزة المانع، في ورقتها، سؤالاً مفاده: “هل أسهم الجدل حول القضايا الأدبية في تطوير الأدب؟”، ماضية من ثم إلى قراءة النصوص الجدلية التي كانت تزخر بها الصحافة المحلية في الربع الأخير من القرن الميلادي المنصرم، حول بعض القضايا الأدبية، مثل قضية الحداثة، وأسلمة الأدب، والالتزام في الأدب، وأدب المرأة، وغيرها، مركزة على استكشاف جانبين محددين: أحدهما، العوامل الأساسية الدافعة لظهور الجدل؟ وفيم كان؟ وما الهدف منه؟ والجانب الآخر هو معرفة ما الذي جناه الأدب في بلادنا من ذلك الجدل؟ إن المتوقع من الجدل الفكري أن يكون له أثر في تطوير التفكير ونمو العقل المنتج للأدب؛ فهل ثمة أثر تنموي ظهر على أدبنا المحلي يمكن أن ننسبه إلى ذلك الجدل؟ مشيرة إلى إن كل سؤال من هذه الأسئلة يحتاج إلى دراسة متعمقة ومتطورة تستقصي الحقائق وتستشف الواقع؟ إلا أنه مع الأسف، معظم دراساتنا النقدية تخوض في قضايا أدبية صرفة بعيدا عن العلاقة المتبادلة بين الأدب والمجتمع، رغم أن الأدب لا يخرج عن أن يكون نتاج الفرد والمجتمع والزمان والمكان، وأي محاولة لتطويره وتنميته خارج هذا الإطار هي محاولة فاشلة. 

ويجعل الدكتور فواز اللعبون من “تكريم الأدباء في الصحافة السعودية” موضوعًا لبحثه مستقصيًا في ذلك الواقع والمأمول، متخذًا من “ثقافية الجزيرة نموذجا”؛ حيث تناولت الورقة أعداداً تكريمية من ثقافية الجزيرة، ومن هذه الأعداد عدد تكريم عبدالله الناصر، وإبراهيم شحبي، وعبدالمحسن القحطاني، ومحمد العلي، وخالد الفيصل، وغازي القصيبي، مشيرًا إلى أن صحيفة الجزيرة دأبت على تكريم كثير من الشخصيات التي تحفل بها الساحة الأدبية والثقافية في المملكة، وتنوعت أطياف هذه الشخصيات المكرمة في الصحيفة، وتنوعت مشاربهم وثقافاتهم ونتاجاتهم، منهم الفتي ومنهم الكهل، ومنهم من فارق الحياة. مبينًا أن التكريم في الصحيفة يختلف على حسب فئات المكرمين، فمنهم من جاء تكريمه على هيئة كتاب مستقل يصدر عن مؤسسة الجزيرة، يستكتب فيه طائفة الأدباء والكتاب المقتربين من المكرمين. كلك تضمنت الورقة حديثاً عن مواد التكريم، وأشكاله، وغاياته، وعقباته، والتطلعات المأمولة منه.

وشارك في الجلسة الثانية كذلك الدكتور محمد بن راضي الشريف، بورقة عنوانها “الشيخ حمد الجاسر رائد التنوير الثقافي والعمل الصحفي”، رصد فيها الجهد المائز لرائد بارز من رواد النهضة الثقافية والأدبية السعودية تمثل مسيرته الثرية وعطاؤه المتميّز تجربة رائدة قمينة بالتوقف الفاحص المجلّي لأبرز جوانبها.

مشيرًا إلى أن رسالة الشيخ حمد الجاسر، التي قضى حياته المديدة في سبيل تحقيقها، كانت وراء ريادته لكثير من الميادين، أبرزها الدور المتمثّل في علاقته بالصحف والمجلات السعودية تأسيسا وتحريرا، وأن جهود الشيخ وعمله الدؤوب تأتّت من لدن رغبته الصادقة للنهوض الثقافي بالأمة العربية عامة والجزيرة العربية خاصة، وأن سيرته كانت غنية كمًّا وكيفا ممتدّة عبر الزمان والمكان موغلة في تراث الأمة، خُدمت واُلّفت فيها الكتب، وستقتصر الورقة على ذكر أهم محطات حياته التي من شأنها إبراز دوره الريادي والأمور الذي دفعته للقيام بهذا الدور.

وفي ورقته الموسومة بـ”الرائد والريادة في إصدار الجاسر لمجلة العرب” يعرّف الدكتور عائض الردادي فـي رؤوس أقلام موجزة بالرائد حمد الجاسر، وببدايته الصحفية بإصدار مجلة “اليمامة” وجريدة “الرياض”، وإنشاء مطابع فـي الرياض، ثم اتجاهه إلى الصحافة المتخصصة بإصدار مجلة “العرب”، مبينًا أن اسم الجاسر ارتبط بها، وارتبطت به، كما عرَّفت الورقة بما أحدثته المجلة من حراك ثقافـي بالعودة لتاريخ الجزيرة العربية، وأدبها، وجغرافيتها، وآثارها، وأنسابها حيث أَثــْرت هذه الجوانب ووجّهت الباحثين لهذه المجالات، وصارت “العرب” من أهم مصادرهم، لتمثل الورقة في مجملها إطلالة عامة على “مجلة العرب” دون الدخول فـي تحليل مضامينها.