حسين مصعود

تحل اليوم الذكرى الـ 37 لمولد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، والذي برز اسمه مؤخراً كشخصية ذات تأثير كبير على الساحة السياسية والدولية.

ومنذ بروز اسمه فرض الأمير محمد نفسه بين قادة الدول، وذلك لما امتلكه من رؤية مستقبلية كان لها تأثير كبير على الساحة المحلية والإقليمية والدولية، حيث ساهمت رؤيته في نقل البلاد نقلة نوعية تليق بمكانتها الإقليمية والدولية.

ولد الأمير محمد بن سلمان في الـ 15 من ذي الحجة عام 1405 هـ (31 أغسطس 1985 م)، وهو الابن السادس لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وتلقى تعليمه في مدينة الرياض وأنهى دراسته الثانوية عام 2003 وكان من ضمن العشرة الأوائل على مستوى المملكة.

خلال فترة تعليمه تلقى عدداً من الدورات والبرامج المتخصصة، وحصل على درجة البكالوريوس في القانون من جامعة الملك سعود، وحاز على الترتيب الثاني بين أفراد دفعته الجامعية.

بدايته السياسية

بدأ الأمير محمد نشاطه السياسي في العاشر من إبريل عام 2007، حين عُين مستشاراً متفرغاً في هيئة الخبراء بمجلس الوزراء، وعين كذلك مستشاراً خاصاً لوالده في إمارة الرياض عام 2009، وتحول منصبه بهيئة الخبراء إلى منصب مستشار غير متفرغ.

في عام 2012 حينما تولى الملك سلمان ولاية العهد أصبح الأمير محمد مستشاراً خاصاً ومشرفاً على المكتب والشؤون الخاصة لوالده، وفي الثالث من مارس عام 2013 صدر أمر ملكي بتعيينه رئيساً لديوان ولي العهد ومستشاراً خاصاً له بمرتبة وزير، وبعدها بأربعة أشهر تولى منصب المشرف العام على مكتب وزير الدفاع.

وفي إبريل عام 2014 عُين وزيراً للدولة وعضواً بمجلس الوزراء، وتولى منصب وزير الدفاع في الـ 23 من يناير عام 2015 إضافة إلى تعيينه رئيساً للديوان الملكي ومستشاراً خاصاً بالملك، وبعدها صدر أمر ملكي بإنشاء مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية وتعيينه رئيساً له.

وزارة الدفاع

اهتم الأمير محمد منذ تعيينه مشرفاً على مكتب وزير الدفاع بتطوير الوزارة، وكذلك معالجة مشاكلها التي وصفها بأنها “مشاكل استعصى إيجاد حلول لها على مدى سنين”، فقام بتغيير إجراءات شراء الأسلـحة وإجراءات التعاقد ونظم استخدام وإدارة تكنولوجيا المعلومات والموارد البشرية.

وانتدب مجموعة شركات استشارية عالمية من بينها “بوز ألن هاملتون” و”ماكنزي” لوضع خطط لتحديث وتنظيم الوزارة، وأعاد تفعيل دائرة الشؤون القانونية وتعزيز وجودها في الوزارة، فأعاد الدراسة والنظر بعشرات العقود وأنشأ مكتباً لتحليل صفقات الأسلـحة والتأكد من سلامتها ومدى الحاجة لامتلاكها.

رؤية 2030

في الـ 25 من إبريل أعلن الأمير محمد بن سلمان إطلاق رؤية المملكة 2030، وهي عبارة عن خطة شاملة للمملكة (سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً)، تؤسس لدخول البلاد لعصر ما بعد النفط، وتتزامن من التاريخ المحدد لإعلان الانتهاء من تسليم 80 مشروعاً حكومياً عملاقاً.

وتهدف الرؤية التي أطلقها ولي العهد لتحقيق عدة مكتسبات منها زيادة الإيرادات غير النفطية، وكذلك زيادة حصة الصادرات غير النفطية، وجعل الاستثمار في الداخل السعودي منطقة لإيجاد المزيد من الفرص الوظيفية والاقتصادية.

ووضعت الرؤية 3 أركان لتكون بمثابة عوامل نجاح إذا ارتكزت عليها، وهي اعتبار السعودية عمق العالمين العربي والإسلامي لوجود الحرمين الشريفين بها، وأن تكون القدرات الاستثمارية الضخمة للمملكة محركاً لاقتصادها ومورداً إضافياً لها، وأن تكون المملكة بوابة للعالم بصفتها مركز ربط القارات الثلاث؛ نظراً لموقعها الجغرافي المتميز وما يحيط بها من معابر مائية مهمة.

ولاية العهد

في الـ 21 من يونيو عام 2017 أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمراً ملكياً بتعيين الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد ونائباً لمجلس الوزراء مع استمراره بمنصبه كوزير للدفاع، وتلقى الأمير محمد البيعة في قصر الصفا بمكة المكرمة.

ومنذ تولي الأمير محمد ولاية العهد، بدأت مرحلة جديدة في تاريخ البلاد، حيث كرّس ولي العهد جهوده في إحداث إصلاحات جذرية في الداخل السعودي وإطلاق عدد من المشاريع الضخمة، من أجل تقوية الاقتصاد السعودي وخلق المزيد من الوظائف وجعل المملكة مناخاً جاذباً للاستثمار، كما اهتم بشكل كبير في تحسين جودة الحياة للمواطنين وجعل المملكة وجهة سياحية مميزة.

إصلاحات اجتماعية وتفعيل دور المرأة

دائماً ما كان الأمير محمد يؤكد مراراً وتكراراً أهمية تفعيل دور المرأة في المجتمع السعودي، وجعلها شريكة في التطوير والنجاح، فعمل على تمكين المرأة من اقتحام جميع المجالات وساهمت تلك الخطوة في ظهور شخصيات نسائية كان لها تأثير بالغ في الحياة المجتمعية السعودية.

واهتم الأمير محمد بأن تحصل المرأة السعودية على كل حقوقها، وتمثل ذلك في قرار رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة، ووضع قوانين تحفظ لها حريتها وتصونها.

ولم يقف الدور الإصلاحي المجتمعي عند تمكين المرأة فقط بل امتد ناحية الانفتاح المجتمعي، من خلال إنشاء الهيئة العامة للترفيه ومنح تراخيص لفتح دور السينما، وإقامة العديد من الفعاليات التي أصبحت جاذبة للمواطنين والمقيمين وكذلك للسياح من خارج المملكة.

كما اهتم الأمير محمد بالجانب الثقافي وحفظ الموروث السعودي ونشره على الصعيد الوطني وكذلك الإقليمي والعالمي، فعمل على إنشاء العديد من الهيئات الثقافية، كهيئة التراث وهيئة المتاحف وهيئة الأفلام وهيئة الموسيقى وهيئة المكتبات.

مشروعات عملاقة

أدرك الأمير محمد بن سلمان مبكراً مدى حاجة المملكة لمشاريع عملاقة تساهم بشكل كبير في تعزيز مكانة المملكة بين دول العالم، ومدى حاجة البنية التحتية لتلك المشروعات من تحسين جودة الحياة وتغيير نظرة العالم إلى البلاد.

فأطلق مشاريع عملاقة على غرار مدينة “نيوم” ومدينة “ذا لاين” ومشروع القدية، ومشروع البحر الأحمر ومدينة الأمير محمد بن سلمان غير الربحية، ومدينة أوكساجون، بالإضافة للعديد من المبادرات في مختلف المجالات التي لاقت إشادة كبيرة من العديد من الخبراء وترحيباً كبيراً من المواطنين.

السياسة الخارجية

حرص الأمير محمد بن سلمان على جعل السياسة السعودية أكثر جرأة واستقلالية، فاهتم بتقريب وجهات النظر بين المملكة والعديد من الدول الأخرى، كما بذل جهوداً عديدة لوقف التغلغل الإيراني داخل المنطقة وإبراز خطر مشروعهم النووي وكان لذلك أثر بالغ في تحجيم مشروعاتهم التخريبية.

كما ارتفع الأمير محمد بمستوى العلاقات مع العديد من الدول من خلال إبرام عدد من الاتفاقيات وتوسيع مجالات التعاون معها كجمهورية الصين الشعبية، وعزز علاقة المملكة مع الولايات المتحدة فأصبحت الحليف الأبرز لواشنطن.

كما كان لقيادة المملكة متمثلة في الملك سلمان وولي العهد دور كبير في التصدي للإرهاب والتطرف، ومواجهة الجماعات الإرهابية في مختلف الدول، ودعم جهود العديد من أنظمة الحكم في مواجهة التطرف والإرهاب، وكان من أبرز ما فعلته المملكة لمواجهة هذا الفكر الضال هو إنشاء مركز “اعتدال” الذي لقي ترحيباً وإشادة كبيرين داخلياً وخارجياً.

أوسمة وتكريمات

كشفت مجلة “فوربس” في الـ 13 من يونيو عام 2017 عن اختيار الأمير محمد بن سلمان ضمن قائمة رائد التغيير العالمي، ومنحته مجلة “تايم” الأمريكية لقب شخصية العام لنفس العام باختيار القراء، كما اختارته مجلة “فورين بوليسي” عام 2015 ضمن قائمتها السنوية لأهم 100 مفكر في العالم، وكان من بين أقوى 75 شخصية عالمية لعام 2018 وفق قائمة مجلة “فوربس” الأمريكية.

وما يدل على جهود الأمير محمد الكبيرة في تعزيز علاقات المملكة بالدول، هو تلقيه العديد من الأوسمة، من دول مثل البحرين وتونس وباكستان وعمان والإمارات العربية المتحدة والكويت والأردن .