بقلم .أ.أحمد بن جابر العقدي

 اذا كان اليوم الوطني يوم نستلهم فيه ذكرى المؤسس العظيم الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل ال سعود وملاحمة البطولية لتاسيس الدولة السعودية الثالثة
فان احتفال السعوديين بيوم التاسيس هو سردية اخرى لتاريخ أبعد زمناً واعمق جذوراً واكثر دلالة ورسوخاً وسردية اخرى تعيدنا للنواة السعودية المبكرة وانشاء دولة منظمة تحكم كل ذلك الشتات العظيم وتنظم شؤون الناس في حقبة كان التراب أعصى من أن يستحيل وحدة والانسان مشتتٌ و فوضوي غلب عليه الجهل وتنازع القوى والظلم واستبداد القهر ،
، لكن ذاكرة التراب لم تغب طويلاً ، كانت وفية رغم مهانة القرون اللاحقة لزهو دولة الاسلام على يد الرسول وسنوات خلافة المجد ونشر الدعوة و وحدة الراية تراباً وافئدة ،
ثم قرون من الجهل والتخلف والاقصاء ورايات بلا عدد وولاءات بلا حد وسيطرة للقُوَى على الحلم والثرى وتغييب لسني المجد ومحاولات دفن ذاكرته في غياهب النسيان ببلادة الجهل وتغييب منابع الاستلهام ،
حتى قيض الله لهذه الارض من يلم الشتات ويرفع لجزيرة العرب الراية الواحدة من جديد بعد قرون من الجهل والفرقة والتشرذم على ارض لم يحكمها مستعمر ولا ساسها منتدب لقوة خارجية تستغل التراب وتستعبد الناس ،ولهذا فان السعوديون حين يحتفلون بيوم تاسيس هذا الكيان العظيم او بيومهم الوطني فهم لا يحتفلون بيوم استقلال من محتل ولا بذكرى ثورة او انقلاب على محتل غاشم انما يحتفل السعوديون بفخر عظيم بيوم عادت فيه راية لا اله الا الله محمد رسول الله لترفف من جديد على سماوات جزيرة العرب موئِل العرب ومنطلق الرسالة المحمدية لشعوب الارض ،
اراد الله لمحمد بن سعود ان يُنبِت في الدرعية النواه لحاكمية معاصرة لم تكن حاضرة في اذهان معاصرية ولم تكن لتجتاز قوى الصدارة المهيمنة الا بحبل من الله وحبل متين من العزم و الناس الاشداء القابضين بأفئدتهم على صلابة الفكرة وسمو الهدف ،
واتسعت دولة محمد بن سعود التي اسسها عام ١٧٢٧م ( وهو الواعي تماماً بارهاصات المرحلة والتجاذبات السياسية وفكر امراء القبائل المحيطين بالدرعية ومناهضتهم الإنضواء تحت حاكم واحد . . ) ، لتتجاوز وحدتها الكيانات النجدية الصغيرة الى معظم اجزاء شبه الجزيرة ولِتُحدِث تغييرا كبيرا على مختلف الميادين سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً ونجحت نجاحاً كبيرا في إيجاد لغة وطنية مشتركة ومجتمع مترابط ينضوي تحت راية واحدة . وتسقط في ١٨١٨م على يد العثمانين ، لياتي تركي بن عبدالله بن محمد ليؤسس الدولة السعودية الثانية في عام ١٨٢٤ م وينقل العاصمة من الدرعية الى الرياض لتستمر الى ١٨٩١ م ، وبعد انتهائها بعشر سنوات، قيض الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود عام 1319هـ (1902م) ليؤسس الدولة السعودية الثالثة ويوحدها باسم المملكة العربية السعودية، وسار أبناؤه الملوك من بعده على نهجه في تعزيز بناء هذه الدولة ووحدتها ، وحتى عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز الزاهر والدولة العصرية الفتية ورؤيتها العظيمة وعرابها الامير الشاب محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ،
وما بين محمد بن سعود ومحمد بن سلمان يروي التاريخ حكايا للمجد امتدت لثلاثة قرون ،
وما بين محمد بن سعود ومحمد بن سلمان كمابين جدار الطين وسعف النخيل وزهو ناطحات السحاب وواجهات الرياض ، ودولة فتية تقود العرب لاستعادة التاثير والحضارة الانسانية العظيمة التي أنبثقت من شبه الجزيرة العربية قبل ما يربو على أربعة عشر قرناً ، وتقود المملكة العربية السعودية الان العالم كله وتؤثر في قراراته العالمية اقتصاداً وسياسة وتفاعلاً انسانياً وحضارياً عظيماً وقائداً على كل الأصعدة ، مع اعتزازها بتاريخها وتراثها واساسها الثابت المتين ،
وتستمر حكاية المجد التليد نمواً وازدهاراً وتخليداً لوحدة مباركة في ظل قيادة عظيمة وترابط مواطنيها الوثيق بقيادتهم التي جعلت المواطن السعودي يفخرُ بسعوديته ويصدح في سمعِ الزمان
أنا سعودي وافتخر .. ،،
دام هذا الوطن عزيزا شامخاً لا يطاله اللئام ولا يفتُّ في عضده الاقزام .

بقلم الاستاذ /
أحمد بن جابر العقدي .