علي احمد معشي

في ردهات المستشفيات وداخل أروقة غرف التنويم الكثير والكثير من القصص والحكايات التي يعيشها المرضى بين الآلام والمشاعر المختلطة بين الخوف والرجاء والترقب والتوجس ، ولا تكاد تدخل إحدى تلك الغرف إلا وتقابلك لغة العيون الذابلة وحديث الأجساد المنهكة والقلوب المترقبة للشفاء والعافية ، والمنتظرة لساعة المغادرة عبر بوابات المستشفى إلى العالم الفسيح والهواء الطلق بعد أن سجنها المرض بين ثنايا الأسرة البيضاء ، تلك هي القصص الظاهرة للعيان أما القصص الخفية فهي قصص فئة أخرى قد لا ينتبه لها أحد ولا يلقي لها الناس بالاً وهي قصص المرافقين للمرضى والساهرين على راحتهم الذين يحاولون تخفيف الآلام ويقاسون السهر والتعب في الليالي الطويلة والأيام تراهم يهرعون في الممرات لاستدعاء الأطباء والممرضات ويتناقشون مع كل فرد من الطواقم الطبية يتحدثون بقلوبهم قبل ألسنتهم وبأرواحهم قبل أجسادهم لا يعرفون المتعة بأوقاتهم ولا يستلذون بمنامهم فأصوات مرضاهم وأنين جرحاهم بمثابة أجراس تنبيه لهم ، فما إن تلتقط آذانهم صوت نداء من مريضهم حتى يبادرون مسرعين للاستجابة ، لديهم رسالة إنسانية نبيلة يبثونها في خلد مرضاهم يعيدون بها الثقة واليقين اليهم ويزرعون فيهم التوكل على الله والأمل بالشفاء القريب ، ولذلك لا تمانع المستشفيات من مرافقتهم للمرضى بل توفر لهم الطعام والمكان المناسبين إيماناً بأهمية دورهم وجمال رسالتهم مما يساهم في غرس الطمأنية وازالة الوحشة عن المرضى ليتم الوصول الى شفائهم في أسرع وقت ممكن وهو الدور المكمل لدور مقدمي الخدمات الصحية من أطباء وتمريض وفنيين وكل فرق العمل بمختلف تخصصاتهم حيث تتكامل الجهود وتتكاتف الأيدي للحفاظ على صحة وسلامة المريض ، ونظراً لهذه الأهمية لدور المرافق كان لزاماً على من جند نفسه لمرافقة مريض سواء كان من أهله أو تطوع لمرافقة مريض غير قريب أن يكون ذا وعي كافٍ وادراك وبديهة سريعة ويتعامل مع المريض في حدود امكانياته وأن يكون مدركاً لأهمية اتباع التعليمات والارشادات التي يتلقاها من الفريق الطبي المعالج أو فرق التمريض المتابعة لحالته وعدم التدخل في اعطاء الأدوية أو ماشابه للمريض كي لا تتعارض مع الخطط العلاجية المرسومة مسبقاً والتأكد من صحة الأدوار التي يؤديها المرافق ، كما ينبغي على المسؤولين عن الخدمات الصحية التوجيه بتقديم برامج تعريفية وارشادية لذوي المرضى ومرافقيهم لزيادة مستوى الوعي والمعرفة لديهم وتأكيد أهمية دورهم في سرعة شفاء مرضاهم .
والمراقب لبعض الحالات وبعض التصرفات والمخالفات التي تصدر من بعض المرافقين قليلي الخبرة يدرك ما يمكن أن تؤول إليه الأمور من جراء ذلك دون قصد بل ربما لشدة الحرص .
ويبقى الوعي والثقافة السليمة هي أحد أسباب تفادي النتائج الغير مرغوبة والتي تؤثر سلباً على صحة المريض.
بالمقابل هناك مرافقون ذوي اطلاع ومعرفة وثقافة وربما تجارب متعددة تمكنهم من النقاش العلمي والموضوعي مع الفرق الطبية خاصة ونحن في زمن أصبح من السهولة بمكان الحصول على المعلومة والبحث عن التفاصيل المتعلقة بالمرض والدواء والاجراء الطبي ، وهذا يضع الفرق والطواقم الطبية في موقف يفرض عليهم أن يكونوا حاضري المعلومة متجددي البحث متطوري الاطلاع ، فمريض اليوم اليوم ليس هو مريض الأمس و مرافق الحاضر ليس هو مرافق الماضي واهتزاز ثقة المريض وذويه بالطبيب او الفريق الطبي قد يشكل عائقاً أمام استكمال العلاج بالشكل الصحيح والأمر لا يقتصر على الجوانب الفنية والعلوم الطبية فقط بل يتعدى الأمر إلى أخلاقيات وسلوك وتعامل يسهم بشكل كبير في الوصول إلى النتائج المرغوبة والمستهدفة من العملية العلاجية برمتها .