محمد الهديب

يقول الشاعر

وحسنُ الربِّ في الدنيا فريدٌ

لديهِ ولا امتثالَ، فلا مثالُ

بديعُ الصنعِ أعطى كلَّ شيءٍ

حقيقتَهُ، ففاضَ بها الكَمالُ

ليتجلى بديع صنع الخالق في نسق الحياة ودقتها والتوازن البيئي وتسخير كل هذه المعطيات للإنسان الذي دوماً ما يتأمل ويبحث في هذه الدقة وآلية عملها متناسياً نفسه .
قال الخالق عز وجل ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) .

لن نتطرق لما هو أمام العين من حيث تكوين الإنسان الجسدي فقد أثبت العلم الحديث ما يعجز عنه اي مخلوق غير الخالق ،وإنما سيكون حديثي عن الأحاسيس والتأمل في المشاعر وكيفة تفاعلها وتحولها من الإحساس الى الأفعال، فالمشاعر موجودة في كل الكائنات .
فهم يفرحون ويبكون ويخافون ويخزنون وكلاً يعبر حسب ادراكه، فالذي يميز الإنسان دوناً عن المخلوقات هو قدرته على التعبير اللفظي في إيصال ما يريد،
بعكس الحيوان ذو الردود المحدودة من خلال تصرفاته الحركية أثناء المخاطر وأصوات ثابته تنتج عن الألم ،
مما يجعلنا نتأمل أن المشاعر أو الشعور هي تجربة واعية، تتميز بالنشاط العقلي الشديد، وبدرجة معينة من المتعة أو المعاناة ولا يوجد تعريف بالإجماع على المشاعر مما يؤصل الفكرة ويجعلها ذات عمق فتختلف الموازين من شخص لآخر منا من يملك نسبة فرحٍ عالية تكون طاغية على أحزانه والعكس كذلك عند أناس آخرين ،ليتعاطوا مع متطلبات الحياة بشتى مجالاتها ،من خلال مشاعرهم معبرين بذلك جل ما يشعرون به .

فلو أخذنا الحب على سبيل المثال سنجده شعور داخلي معقد يعطي راحة وخيال تأملي لصاحبه مع استنفار المواهب اللفظية من شعر ونثر وكتابات تترجم ما يحس به كما أنه يوصل المحب لنقطة الخوف على من يحب ويجعله في دائرته طوال الوقت ليكون ملهماً ومحفزاً في تحقيق الانجازات التي تعتبر مستحيلة دون دوافع قوية هذا على صعيد العشق غير حب الابوين لابنائهم وحب الصديق لصديقة لنقف على اعتاب موازين الحب المختلفة وبدرجاته المتفاوته

كذلك الخوف والحزن والرغبه كلها تركيبات قد تمتزج ببعضها ويصبح الانسان متضارب الاحاسيس ذو بال مشغول وعين تدمع لتعبر عن شعورٍ يعتصر داخله مكوناً بذلك موجة ضيق يفرغها بالتنهيد والبكاء والصراخ والمشي او تغيير المكان الذي يقبع فيه بتحفيز من المخ الذي يترجم سيناريوهات الحياة ويضع كل موقف مادي في خانة الشعور التي تناسبه وكأنه ساعي بريد يصنف الخطابات داخل الارفف المخصصه

ختاماً أيها الانسان لست معجزة في خلقتك وإنما الاعجاز طال مشاعرك بدرجاتها المختلفة فقد حول الخالق المواد الجامده في الحياة الى متحركة بسبب ردود الافعال التي تنجم عنها فالسلاح جامد ولكن مجرد أن تنطلق منه رصاصة حتماً هذا الجماد سيحرك مشاعراً حزينة متفجرة بالغضب يصحبها تصرفات حركية بالجسد عندها ستشعر بالاشياء من حولك وقف عند شعورك بها وتأمل شعورك بما حولك ستحس أن روحك تتذوق كما يتذوق اللسان كل ما يمسك من خلال المحيطين بك

لتجعل الصالح منها ديدن حياتك فما الفرح الا مطيل عمرك وما الاحزان الا قبراً لروحك وتذكر أن عمر حياتك قليل مهما بلغت فيها فمقياس العمر بسنوات الفرح والحب والسعادة وغير ذلك انقاض تجبر العقل على نسيانها وقلة منا من يستطيع تجاوز المحن والبقية يغرق في بحر الهموم والاحزان