نوال عامر _جدة

 مع بداية إجازة منتصف العام قامت فعاليات كثيرة في بلادنا ، تسابق إليها أبناء وبنات الوطن بكل جد وحماسة ، أخرجوا فيها أجمل وأبدع مالديهم ،فشكرا لهذه البلاد وشكرا للمنظمين وشكرا لتلك السواعد التي تسابقت إلى الخيرات واغتنام الأوقات . 

لست الآن بصدد الفعاليات الكثيرة المتناثرة هنا وهناك ، ولكني أقحمت قلمي ليكتب عن رحلتي بالأمس إلى معرض ( موكب الجلال) ، والذي نظّمته كلية الشريعة بجامعة الملك عبدالعزيز ،وتمّ افتتاحه الأحد الموافق١٤٤١/٥/٩ ومازال إلى نهاية الإجازة ، من الرابعة إلى التاسعة مساء للرجال والنساء بوابة شمالية٣ بمسرح جامعة الملك عبدالعزيز بجدة.

مضيت في رحلة دورية مع فريقي الرائع ( نادي الإحسان التطوعي لخدمة كبار السن)، وقد اصطحب كلٌّ منّا الكبير المسؤول عن ملازمته لتعريفه بأرجاء المعرض وقراءة مايصعب عليه ، وللاستقاء من حكمتهم والاستظلال بدعواتهم الكريمة .

حين تجمعنا في بوابة المعرض للانطلاق في الجولة من ضيق الاعتياد إلى سعة الدهشة وقفنا وقفة إجلال ووقار ، لا أعلم وقتها هل كانت مشاعري متداخلة من روعة الإتقان وروحانية المكان ، أم من عظيم صنع الله ونعمه وآلائه في هذا الكون الفسيح !؟ 

فقدت وعيي وأنا أتجول بين أسماء الله الكريم المنّان ، كانت روحي ساجدة رهبة وخشية ، لمَ تتكبر أيها الإنسان ؟ لمَ تظلم ؟ لمَ تحمل همّ دنياك وقد تكفل الله بتدبير أمورك وأمور كل الخلق وكل شيء ؟ 

دخلت في دوّامة من التساؤلات والتخيلات .

اضطرب البحر وعلت الأمواج وهبّت العواصف والأعاصير فنادى أصحاب السفينة يارحمن . 

احتار الحادي في الصحراء وضلّت القافلة طريقها فنادى الركب يا ودود . 

  اشتدّ الكرب وعظم البلاء فنادى المبتلى يا ستار ياعليم . 

تقطّعت السبل للفكاك وعمّ الجوع في كل مكان فتضرع البائس ياكريم يامنّان.

 ذبلت زهرة الحياة وعجز الطبّ واستحال العلاج فنادى المكلوم يا الله. 

نعم ..هو الله الذي لا إله إلا هو الحيّ القيوم الذي لا ينام .. الله الذي أتقن كل شيء خلقه .. الحليم العظيم ، صاحب المنّ والكرم و الجبر . 

الله الذي يجري الماء في الوديان ،ويقدّر الليل والنهار ، ينبت الزهر في الأرض القفار ، وينصر المظلوم إذا دعاه والناس نيام . 

يهدي الضال ، ويطعم الجائع ،يدبر الأمر من السماء إلى الأرض وكل يوم هو في شأن .

تقدّس في علاه ، وعظم في سناه . 

صوت أيقظني من كل هذا الضباب وهو يقول : هل انتهى المعرض ؟ مكتوب “خروج ” ، فاستفقت حينها بأني وصلت إلى نهاية البداية ، و انهالات دمعات من عيني وأنا أرى وجوه الزوار المعجبة ، وأسمع صدى دعوات الكبار ، حينها أيقنت أن ماشاهدناه هنا إنما هو نزر يسير في ملكوت العظيم ، فجددت العهد الذي كنت أخذته على نفسي مرارا بأن أجعل التفكر جزءا من أهدافي اليومية ، لعلي بهذه الكلمات أمنحكم بعض مشاعر الأخوة لنمضي معا أقويا من دار الفناء إلى دار البقاء . 

( أفلم يتفكروا في أنفسهم ماخلق الله السموات والأرض ومابينهما إلا بالحق وأجَلٍ مسمى وإن كثيرًا من الناس بلقاء ربهم لكافرون ) .