مشاري الوسمي

الثقة كالحياة تُمنح مرة واحدة ، إذا تكررت فهي معجزة بالتأكيد ، ونحن أصبحنا في عالم نغمض فيه أعيننا ونبحر بعيدًا لعلنا نظفر بلحظة صفاء أو معجزة كونية خصتنا دون سائر البشر .

لكن على أرض الواقع ليس هناك إلا حال الناس وقلوبهم المتقلبة ، بالأصح أقنعتهم المتساقطة، فمن منا لم يُحَط يومًا بوجوه أقسم أنهم أعز الأصدقاء ، وكأنهم أرواح متلاصقة فرقتها الأجساد المتباعدة، وأنهم إخوة لم تنجبهم أم واحدة ، بل إننا تنازلنا عن حلم أو أكثر وتجاهلنا فرص الحياة الذهبية من أجل خاطر هذا ولعينِ ذاك.

النتيجة التي لم تكن بالحسبان ولم تخطر حتى كخاطرة في البال، فقد تبخروا وكأنهم لم يكونوا ، والمصيبة الأعظم لو تحولوا إلى أعداء، فهم أعرف الناس بنقاط الضعف قبل القوة ، فالضربة منهم قاصمة قاتلة والنهوض بعدها ليس بالأمر اليسير، لكن قبل الوصول إلى هذه النتيجة هناك علامات ودلائل تفوح منها رائحة المكر ويتبعها الغدر ودس السم في العسل، فمن أحبكَ سيحب لك الخير حتى لو قدمكَ على نفسه، ومن يقف كعثرة بينك وبين ما ينفعك في دينك ودنياك ؛ سيغادر سريعًا ، لكن رحيله قاسٍ كقسوة قلبه .

هؤلاء الفئة من البشر لا تكتفي بتدميرك داخليًا والوقوف كالحائل بينك وبين رغباتك.. بل لن تشاركك فرحة ولا تساندك في أزمة ولن تشد من أزرك في حزنك.. هي أقنعة تخفي ورائها وجوه أحرقها الحسد وندوب الغيرة المقيتة.. تفوح منهم رائحة الكره النتنة التي للأسف لن تشمها إلا بعد فوات الأوان.. على الرغم من أننا ومنذُ نعومة أظافرنا حاول آبائنا بكل حُبّ وقوة إختيار الصديق الأوفى والأصدق لنا..

هذا النوع من الناس لابد أن تصادفه يومًا إما في عمل أو مسيرة حياة .. فلا تُطيل البقاء بجوارهم.. لأنهم كل مازاد التعمق معهم كلما كانت سكاكينهم أشد عمقًا وأقسى ألمًا..

دمتم ودامَ الأوفياء في حياتكم ..