عيدان الزهراني_متابعات

 

قبل أسبوعين تماماً، يوم الاثنين، 2 مارس (آذار)، اجتمع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مكتبه بالبيت الأبيض بمجموعة من العلماء والخبراء الطبيين الذين يعملون على تطوير لقاح لفيروس كورونا (كوفيد – 19). كان من بين هؤلاء دانيال مانشيلا، مواطن أميركي ومدير عام شركة «كور فاك» الألمانية.

 

في الاجتماع، أبلغ مانشيلا ترمب بأن الشركة، ومقرها مدينة توبنغن الألمانية في ولاية بادن فورتمبيرغ، تقترب جداً من تطوير لقاح لفيروس كورونا. فردّ ترمب بتقديم عرض مالي مغرٍ جداً لمانشيلا، مقابل أن يبيع اللقاح للولايات المتحدة بشكل حصري. وبحسب صحيفة «فيلت أم زونتاغ» التي نقلت عن مصادر حكومية ألمانية، فقد بلغ العرض مليار دولار أميركي. وتابع المصدر الحكومي الألماني يقول إن «ترمب يبذل كل شيء للحصول على لقاح للولايات المتحدة، لكن فقط للولايات المتحدة».

 

بعد 10 أيام تقريباً من هذ الاجتماع، أعلنت شركة «كورفاك» في ألمانيا استقالة مانشيلا الأميركي، واستبداله إنغمار هير الألماني، من دون تقديم تفسير أو سبب لمغادرته ولهذا الاستبدال المفاجئ.

 

هذا الاجتماع يبدو أنه أطلق «حرباً» بين برلين وواشنطن للحصول على حق توزيع أو حيازة هذا اللقاح الذي تتوقع الشركة أن تنتهي من تطويره بحلول يونيو (حزيران) أو يوليو (تموز) المقبلين، على أن تبدأ بعدها التجارب السريرية. ولم تنفِ الحكومة الألمانية تقديمها حوافز مالية كبيرة للشركة، وقال متحدث باسم وزارة الصحة الألمانية: «إن الحكومة الفيدرالية مهتمة جداً بأن يتم تطوير لقاحات ضد فيروس كورونا في ألمانيا وأوروبا، وبهذا الصدد فإن الحكومة في تبادل مكثف مع شركة كورفاك».

 

ورغم أن شركة «كورفاك» تعمل بشكل وثيق مع معهد «بول إيرليش»، وهو معهد بحوث طبية تابع للحكومة الألمانية، فإنه لا سلطة للحكومة على شركة «مورفاك» الخاصة، ما يعني أنه لا يمكنها منعها من بيع حقوق اللقاح للولايات المتحدة. إلا أن بإمكانها اللجوء إلى بند في قانون التبادل التجاري مع الخارج ينص على إمكانية وقف عملية تجارية في حال تمس بالأمن القومي لألمانيا. ويمكن أن تستخدم برلين هذا البند لوقف ترمب عن شراء اللقاح.

 

لكنه وسط هذه التخمينات، أصدرت شركة «كورفاك» بياناً نشرته على موقعها أمس، قالت فيه إن ترفض «الشائعات المثارة بأنها معروضة للبيع»، وأضافت أن «كل الجهود الداخلية الآن منصبة على تطوير لقاح لفيروس كورونا بهدف مساعدة وحماية الأشخاص والمرضى في كل العالم»، في إشارة واضحة إلى رفضها بيع اللقاح لواشنطن بشكل حصري. وتابع البيان يقول: «لهذا السبب فإن الشركة على تواصل مع عدد من المنظمات لتسريع تطوير اللقاح». وأشار البيان إلى أن الشركة تعمل على تأمين «مليارات الجرعات» لفيروس كورونا. وقالت الشركة كذلك في بيانها إنها «لن تعلق على التخمينات الصادرة في الصحافة، لكنها ترفض بشكل واضح الادعاءات حول طرح الشركة أو التكنولوجيا التي تعمل عليها للبيع».

 

وكان رئيس أكبر شركة مساهمة في «كورفاك»، كريستوف هيتيش الرئيس التنفيذي لشركة «ديفيني هوب بيو تك»، قال إن عقداً حصرياً مع الولايات المتحدة غير مطروح، وأضاف: «نريد تطوير لقاح لكل العالم وليس لدول منفردة».

 

إلى ذلك، أكّد وزير الصحة يانس شبان، مساء أمس، في تصريحات تلفزيونية، أن الولايات المتحدة أوقفت مساعيها لشراء اللقاح، وأن الشركة، في حال طورت اللقاح، سيكون متوفراً للجميع، وليس لدولة واحدة بشكل حصري.

 

ورغم أن تجارب اللقاح على البشر قد تبدأ بعد نحو 3 أشهر، فإن اللقاح لن يكون متوفراً قبل العام المقبل، بحسب التقديرات. إذ يجب أن يمر بعدة مراحل سريرية، قبل أن يتمكّن من الحصول على التراخيص القانونية لاستخدامه لقاحاً معتمداً.

 

وكانت الحكومة الألمانية قد أعلنت أنها خصصت مبالغ مالية كبيرة لدعم الشركات الألمانية التي تطور لقاحاً للفيروس، وتوقعت قبل أسابيع وزيرة الأبحاث العلمية أن يتم تطوير لقاح «خلال أشهر».