مشاري الوسمي

في زمن التناقضات ، الممكن أصبح من الأمنيات، تعالت الأصوات ، احتدت النبرات ، مطالبة الجميع بالعودة إلى نقطة الصفر ، وترك أبجديات الحياة للمحافظة على سلامتنا وسلامة الوطن .

هنا تصبح التأملات أكثر واقعية وجدية ، فلم تعُد الحياة سهلة كما كانت ، بل تم إعادة هيكلة أولوياتنا ، ترتيب احتياجاتنا . رغم إنه في فترة الحجر، داعبت مخيلاتنا تلك المشاوير وطوابير الزحام ، بعضنا أقسم أن يعود إن عادت الحياة كالسابق ، منا من أدرك أن حياته الآن أهدأ وأفضل من السابق ، كلٌ أجمع أن الحنين جميل، والإشتياق كائن يتغذى على كل حواسنا.

منذ أيام وبعد عودة الحياة تدريجياً؛ امتلأت الشوارع بضوضاء السيارات و تزاحم البشر ، لم تعد تلك الممارسات مقبولة ، منهم من وصفها علانية بالهمجية والتخلف ، فقد أصبح الحذر سمة من سمات المجتمع ، التباعد قانون ، إخفاء نصف الوجه وعي و رُقي ، هذا التحول لن يكون وقتيًا أو أنه قد يختفي بعد عدة شهور ، سيصبح علامة فارقة وتحول جذري قبل وبعد الوباء .

لكن العامل المشترك، والركيزة الباقية، هي حُبّ الحياة والتمسك بأركانها. حرصنا على من نحب شّكل الإختلاف في داخلنا، أوجد قيمًا وثوابتَ لم تكن موجودة من قبل ، فالإنسان يبقى المتكيف الوحيد على هذه الأرض، الذي قاوم وسيقاوم متغيرات الحياة، الإبحار في أمواجها العاتية، تذليل صعوباتها، هدم أسوار الخوف، تسلق منارات الأمل، صنع اللحظات السعيدة التى تحُيي بداخله ماقد مات في طريق الوصول .

رغم الفروقات بين طبائع البشر وطبيعتهم، إلا أننا نحيا في ظل دولة عظيمة بقيادتها وأبنائها المخلصين، الذين مهدوا الطرق، أزالوا الصعاب، حملوا على عاتقهم المستحيل، لنعبر معاً أنفاق الظلام و معابر الوجع . سنصل بإذن الله ونخرج من هذه الأزمة أقوى، سنصعد على أعناق الأمم إلى قمة الأمجاد، حاملين راية التوحيد، باسطين أيدينا إلى كل غريق لننتشله إلى بر الأمان .

شكراً لمن قادنا في هذه الأزمة، ضمد جراحنا، كفن موتانا وأهدى المتعافين منا وردة حياة ، شكراً لمن صمد رغم التعب ، كتم أنينه رغم الوجع، أخذ بيد غيره وسنده وأستند عليه شكراً أبناء وبنات السعودية .

دمتم بحفظ الله ولمن تحبون راعون .