جمعان الغامدي

لكل بداية نهاية، ورحيل الرائعون محزن
إلا أن العطاء الإنساني الذي نتعلمه منهم يبقى مغروسًا في ذواتنا في رسالة من رسائل الوداع أرسلها مدير مكتب التعليم بغامد الزناد، الأستاذ/ محمد أحمد مشني الغامدي لزملائه من مشرفين، و قادة مدارس، ومعلمين، ممزوجة
بجمال العبارة وصدقها، ورقة حروفها، وجمال لحنها؛ كان لها الأثر البالغ في نفوس الجميع.

وقد حرصت “بوست” على أن تعرض هذه الرسالة في صفحاتها لنترككم مع “رسالة الوداع”

إخواني وأحبابي
زملائي وأصحابي
عدّتي وعتادي من الدنيا، ورجائي عند ربي في الآخرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد…
فإن في الحلق لغصة، وإن في العين لدمعة، وإن في القلب للوعة ، وإني على فراقكم اليوم لمحزون، فلا أصعب من الوداع إلا ذكره، ولا من البين إلا وصفه، فعذرًا إن زلّ اللسان، وانكفأ البيان، فقد ارتجف الجنان، واستوحشت المكان
أيها الأفاضل،
خلال ثلاث من العقود خلت، بحلوها ومرّها، قضيت معكم وبينكم أيامًا وسنوات كانت أحلى من الشهد، وأجمل من الورد، كانت أعذب الأوقات وأحلاها وأجمل اللحظات وأصفاها، لكنّها مضت كلمح البصر، وانقضت كليلة القدر، فشيّدت في عمري أصدق المحطّات، ورسخت بحياتي كأعذب الذكريات، وذاك دأب الأيام الجميلة، وشأن اللحظات السعيدة، فهي لا تدوم طويلًا، فما تلبث أن تشتعل حتى تنطفئ، ولا تكاد تثور حتى تخور!
وكما قيل فدوام الحال من المحال فكأننا لم نجتمع إلا لنفترق، وتلك سنة الله تعالى في حياة الناس، ولن تجد لسنة الله تبديلا ولا لقضائه مردًّا ولا تحويلًا.
أتت بوادر الرحيل، وأرى الأسى والحزن والأسف يعتريني ويأخذني كل مأخذ، فكيف إذا دنى وقت الرحيل؟
كنتم لي خير الأخوة، ونعم الزملاء وأقرب الأصدقاء، وأصدق الأصفياء.
أيها الأكارم،
إن تقاعدي من عملي لا يعني بحال قطع أوصال المحبة، أو رمي ذكرياتي معكم في غياهب الجب والنسيان،
فكيف لي أن أنساكم ونسيانكم محال،
كيف وقد احتلّيتم في الفؤاد أسمى المنازل، وحفرتم في الذاكرة أجمل المآثر …
أحبتي…
أطلبكم الصفح والعفو والإعذار، والمسامحة وإسدال الستار، عن كل خطأ ارتكبته جهلًا، أو زلل اقترفته فظننته سهلًا، وليدُم بيننا الوصالُ حيِيًّا، والدعاءُ سريًّا.
جمعني الله بكم في الدنيا على طاعته ورضاه، وفي الآخرة في جنته ورحماه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخوكم / محمد بن أحمد بن مشني