بقلم... أمل حسن جلال

بعد رحيل أعظم شخصيَّة عرفها التَّاريخ تيقَّنَّا أن الموت لا يُمحي أثر الرَّاحلين بل تظلُّ يانعة يقطفها من بعدهم الأجيال . رحل عمر ورحل ابن الوليد ورحل أفلاطون وأديسون وبيكاسو ونابليون وهتلر وبادت كسرى وقيصر أماكن وشخصيات تهافتت عصرا بعد عصر ..

لكنَّهم جميعا كما غيْرِهم بقوْا أحياء بذكرهم وتبجيل أعمالهم وأقوالهم ..

ومات غيرهم وهو يحمل داخله الكثير لم يسمح لنفسه بأن تزفر مخاض إبداعه ومنهم من تعسرت الولادة أمامهم فأغلقوا على أنفسهم وأوصدوا بالأقفال لذا قيل 🙁 موتوا فارغين ).

وفي حديث المصطفى الكريم ما يحث على العمل بقوله ( إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها ). حديث صحيح رواه أحمد.

وقوله تعالى: ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله ). سورة التوبة ( ١٠٥ ).

ففيهما تحفيز للعمل وتعظيم لمن سيرى ذلك العمل فهل تخيَّل أحدكم أن الله جلَّ في علاه سينظر لأعمالنا ؟ كيف سيكون الجد والإخلاص!!

نعم هذا هو الهدف الذي خُلقنا لأجله نعمل وننهض بالأمة كافة ثم نُعين ونستقيم . لا كما يفعل البعض باستعراض ما يمتلك وغيره يموت جوعا وفقرا وهناك من غلبه الهمُّ والدَّين والحر ورعشة شتاء ..

لِمَ لا نُسخِّر كل ذاك للطاعة والعبادة. لا بأس بأن نمتلك ونظهر النعم لكن نتفقد أصحاب الفاقة

ما أجمل البيت الواسع برحمة أفراده وتعاونهم والسيارة الفارهة التي يسعد بها أصحابه و لا يتعالى عليهم ووجها مشرقا منيرا شاكرا لأنعمه وسفرا قاصدا النفع لغيره أو نفسه.

ليس شرطا أن يذكرك التاريخ بإنجاز صريح بل قد يذكرك مهموما بابتسامة وآخر بموقف بسيط وهناك من يذكرك بكلمة لم تلقِ لها بالًا فأنجتك من النار وجعلتك عظيما في قلوب الآخرين.

تذْكُرُك القلوب فترتفع الأيدي لتستمطر الدعوات المنجيات من المهلكات وأسفل الدركات ربما تكون حينها بين ظلمة قبرك فيستنير ..

احرص رعاك الله على أن تكون عظيما بتدوين حسن صنيعك فوق صفحات القلوب والحياة فكم من عظيم فات ولم نسمع عنه لكن أهله وأصدقاؤه وكل من يعرفه يذكره بجميل الصنيع..

فهناك عظماء صبروا على الأذى غير بلال ومنهم من صبر على الطاعة وكبح جماح الهوى والشهوات ..

عظماء بالصبر والرضا واليقين عظماء بالكرم والبشاشة وداخلهم يتقرح وجدا ..

إنهم عظماء بقلوب لا تتكرر ولم ينوِّه لها أحد لكنها حفرت معالم الإنسانية داخل من حولها 

تلك هي العظمة الفريدة الخفية نتحسسها بالشعور فكم من عظيم رحل وهو ينبض في ذاكرتنا .

يقول جيمس سي هانتر :

( التأثير لا يمكن بيعه أو شراؤه ولا يمكن أبدا منحه أو سلبه فالتأثير يتعلق بك كإنسان . إن شخصيتك تُلهمني وهذا يعني ذاتك وكيانك . التأثير هو شخصك ).

ومن هنا نعي أنَّه كلما كنت مؤثِّرا أصبحت عظيما ولتختر ما يليق بقلبك ورسالتك في الحياة .

( كن مؤثرا تكن عظيما ).