بوست_ بغداد

شارك معالي الدكتور نايف فلاح مبارك الحجرف، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، اليوم السبت الموافق 28 أغسطس 2021م، في مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة والمنعقد في بغداد.

وخلال المؤتمر ألقى معاليه كلمة نصها الآتي:

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو

أصحاب المعالي والسعادة

الأخوات والأخوة الحضور الكريم

 

يطيب لي بداية أن أتقدم بالشكر والتقدير لحكومة جمهورية العراق للدعوة لهذا المؤتمر والشكر موصول لكافة القائمين على الإعداد للمؤتمر على حسن الاستقبال والتنظيم.

 

يأتي هذا المؤتمر في وقت دقيق من تاريخ المنطقة وهي تسعى لاستعادة السلام والأمن والاستقرار، وتعزيز البناء والتنمية، بما يلبي تطلعات شعوبها بالرخاء والازدهار، بعد فترة عصيبة واجهت فيها دول المنطقة كبقية دول العالم تحديات كبيره وغير مسبوقة تمثلت في جائحة كورونا والركود الاقتصادي، بالإضافة إلى المواجهة المستمرة مع الإرهاب والسعي لتجفيف منابعه، حيث شكلت تلك التحديات جملة من المتغيرات التي فرضت نفسها على قائمة أولويات الدول جماعات و فرادي للتمكن من التصدي لها بفاعليه وشموليه.

 

وإن كانت دول مجلس التعاون قد تعاملت مع تلك المتغيرات بمسؤوليه، فإنها في الوقت نفسه قد حافظت على جملة من الثوابت وأولتها الاهتمام الكامل والعناية اللازمة. و تأتي علاقة دول مجلس التعاون مع جمهورية العراق من ضمن تلك الثوابت التي نسعى من خلالها لبناء شراكة استراتيجية وثيقة في كافة المجالات، انطلاقاً مما يربط دول مجلس التعاون والعراق من علاقات راسخة مرتكزة على الجوار الجغرافي والدين واللغة وتعززها وشائج القربى والتاريخ المشترك، وتدفعها الأهداف المشتركة لبناء المستقبل وتعزيز التنمية والسلم الجماعي.

 

فانطلاقاً من تلك الثوابت، وجه قادة دول المجلس -حفظهم الله ورعاهم-، في الدورة (38) للمجلس الأعلى التي عقدت في دولة الكويت في 5 ديسمبر 2017م، بالتحضير لحوار استراتيجي شامل لتطوير علاقات مجلس التعاون مع جمهورية العراق في جميع المجالات السياسية والأمنية، والاقتصادية، والثقافية وغيرها.

كما وجهوا -حفظهم الله ورعاهم- في الدورة (39) للمجلس الأعلى التي عقدت في الرياض في 9 ديسمبر 2018م، بإعطاء أولوية خاصة لهذا الحوار الاستراتيجي كاستجابة لمتطلبات المستقبل وتعزيزا للعمل المشترك.

 

وفي (قمة السلطان قابوس والشيخ صباح) التي عقدت في مدينة العُلا بالمملكة العربية السعودية في 5 يناير 2021 م، وجه اصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس -حفظهم الله ورعاهم- بتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين مجلس التعاون وجمهورية العراق. 

 

وبناءً عليه، عُقدت عدة اجتماعات في مقر الأمانة العامة في الرياض وفي بغداد لتحديد ملامح هذه الشراكة الاستراتيجية، وتم التوقيع في 24 أبريل 2019 على مذكرة تفاهم بين الأمانة العامة لمجلس التعاون وجمهورية العراق، كما تم الاتفاق على خطة العمل المشتركة للفترة 2019-2024 في المجالات السياسية والامنية والاقتصادية والثقافية وغيرها.

وتم تأسيس لجنة مشتركة من كبار المسؤولين لمتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في خطة العمل، كما عقدت اجتماعات لفريق التعاون الثقافي وفريق المختصين في المواصفات والمقاييس.

وبالإضافة إلى ذلك فقد تم الاتفاق على ربط شبكة الكهرباء في جنوب العراق بشبكة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون، وتم حشد الموارد اللازمة لذلك، وأصبح المشروع على وشك التنفيذ بعد استكمال النواحي الفنية ومراجعة الاتفاقية بشكلها النهائي.

كما يتم التحضير والإعداد لمؤتمر الاستثمار والأعمال الخليجي – العراقي بالتنسيق مع اتحاد الغرف التجارية الخليجية والذي كان مقررا إقامته في دولة الإمارات العربية المتحدة في شهر سبتمبر 2021، إلا أن اتحاد الغرف التجارية طلب تأجيله إلى الربع الأول من العام القادم 2022 إن شاء الله.

 

وخلال الفترة 12-14 فبراير 2018، عُقد في دولة الكويت المؤتمر الدولي لإعادة إعمار العراق، أعلن فيه عن تعهدات بلغت نحو (30) مليار دولار، منها خمسة مليارات قدمتها دول مجلس التعاون. ونؤكد في هذا المقام على ضرورة إحياء ومتابعه مخرجات مؤتمر الكويت وتنفيذ التعهدات التي قدمها المجتمع الدولي في ذلك المؤتمر، لإعادة إعمار المناطق المتضررة من الحرب وتعزيز البنية التحتية والقطاعات الرئيسية للاقتصاد العراقي.

 

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو والمعالي والسعادة

 

لعل من أهم القضايا التي تشغل عالمنا اليوم ظاهرة التطرف والإرهاب، التي تفرض علينا مواصلة العمل وتبادل وجهات النظر بشأنها من خلال الشراكة الاستراتيجية بين مجلس التعاون والعراق، وتعزيز التنسيق والتعاون الإقليمي والدولي لمواجهة التنظيمات الإرهابية المتطرفة العابرة للحدود والتصدي لفكرها المتطرف. انطلاقاً من مواقفنا المشتركة في نبذ كافة أشكال الإرهاب وصوره، وأياَ كان مصدره، والعمل على تجفيف مصادر تمويله، والتأكيد على أن التسامح والتعايش من أهم المبادئ والقيم التي تبنى عليها العلاقات بين الدول والشعوب.

 

إن ما نقوم به من جهود لتعزيز التعاون وإرساء قواعد الشراكة الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون والعراق في جميع المجالات، لهو تعبير عن الثوابت و القناعة الراسخة بأن هذه الشراكة ستعود بالخير والمنفعة على دولنا ومنطقتنا والعالمين العربي والإسلامي، وهو تأكيد على مواقف دول مجلس التعاون الثابتة بشأن العراق وأهمية الحفاظ على سلامة ووحدة أراضيه وسيادته الكاملة وهويته العربية ونسيجه الاجتماعي ووحدته الوطنية، ومساندته في مواجهة التحديات التي تعترضه، وتعزيز سيادة الدولة وإنفاذ القانون على كامل ترابه الوطني، ودعم العملية الدستورية، وتعزيز جهود العراق في تحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار والتنمية والرخاء لشعبه الشقيق.

 

فليكن مؤتمر بغداد اليوم، بكل ما ترمز اليه بغداد من حضارة وتاريخ وبكل ما ساهمت به هذه المدينة العريقة من إرث بشري عبر الزمن.

أقول، ليكن مؤتمر اليوم رسالة للشباب وجيل الغد وقادة المستقبل، يلاقي آمالهم ويلبي طموحاتهم، ويمكنهم من تحقيق تطلعاتهم، لتنطلق عجلة التنمية والبناء، ودعم الأمن والاستقرار، ومكافحة الإرهاب والتطرف، وتعزيز التعايش السلمي، واستمرار المساهمة في المسيرة البشرية نحو غد مشرق ومستقبل واعد.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.