يحيى قعاري

لابُد وأنك أخي الغالي قد سمعت بهذه الجريمة البشعة ..جريمة بشعة في وضح النهار .

مر المُجرم من أمام باب المنزل الذي كان مفتوحاً بشكل بسيط، فقرر أن يفتح الباب ويدخل،
وعندما أصبح وسطَ المنزل وجد أباً و ابنته فأراد الإمساك بالفتاة بالقوة
حاول الأب أن يحمي ابنته ،ولكن المجرم لم يمهله كثيراً وضربه على رأسه بحديدة كانت معه، فأرداه قتيلاً ،فدخل الشُرطي وشاهد المجرم ممسكاً بالفتاة لكي يمنعها من الصراخ، فأطلق النار عليه فتوفي على الفور.

هذه رواية “الشرطي”

بمجرد أن قلت لك أنه “مجرم”، بدأت تكرهه ، وأفعاله زادت من كرهك له حتى أنك فرحت لأن الشرطي قد قتله ،ولكن انتظر قليلاً لنسمع نفس الأحداث على
لسان الفتاة:
“هذا ليس أبي بل زوج أمي،وكان كلما خرجت أمي يعتدي علي ويضربني، وكان يُهددني إن لم أستجب له أنه سيضربني بالحديدة التي يحملها بيده، فصرخت بصوت عال، رغم أنني في المرات الماضية كنت أصرخ ولا أحصل على المساعدة، ولكن دخل على المنزل ذلك الرجل الطيب الذي سمعني ،والحمد لله كان الباب مفتوحا،ً وعندما حاول زوج أمي مقاومته استطاع أن يأخذ منه الحديدة ويضربه على رأسه، ليسقط ميتاً على الأرض، ومع ذلك بقيت أصرخ من الخوف، فجاء هذا الرجل الطيب واحتضتنني ليهدئني، وفي تلك اللحظة دخل الشرطي وظن أنه يحاول أن يعتدي عليّ -خصوصاً عندما رأى زوج أمي قتيلاً على الأرض- فأطلق النار عليه فمات الرجل الطيب على الفور.

الآن حزنت على الرجل الطيب الذي هو نفسه المجرم قبل دقيقة أو دقيقتين فرحت لمقتله،

فأنا بروايتين مختلفتين لنفس الحدث
نقلتك من جهة إلى جهة أخرى، تلاعبت بك وبمشاعرك خلال دقيقتين أو ثلاثة ،

ولكن هل
تصدق أني لو رويت لك الأحداث على لسان
“الأب أو زوج الأم”
سأجعلك تكره الفتاة؟!
(فالذي تلاعب بك في الموقفين السابقين
قادر على أن يتلاعب بك دائماً).

إن كان الحاضر الذي نعيشه يتم تزويره، فكيف نثق في الكلام المنقول لنا ؟!
عليك أن تكون حذراً متيقظاً
حتى لا تكون ألعوبة بيد :
المنافقين والحاقدين والحاسدين

فكم من علاقة شخصية دمرت وكم من أخ قطع أخاه وكم من أسرة تشتت وانتهت وكم من وطن متوحد وآمن دمر وتفكك وانقسم وكم وكم وكم
نتيجة النقل حسب الأهواء والحكم دون تثبت ..

فانتبه جيداً قبل أن تحكم على شيء سمعته ولم تره أو على أحد ما لا تعرف عنه شياءً .

هذه الجريمة تحدث يومياً في الإعلام وهي لعبة الإعلام ولعبة وسائل التواصل الإجتماعي ‏. فالحذر الحذر..