سعودي بوست - رباب الدرسي

 أوضح مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بمنطقة عسير الدكتور سعود بن عليبي الغامدي كيفية إنحراف بعض الشبيبة عن جادة الصواب وإتباع الجماعات التكفيرة و التي كان من مخرجاتها العمل الآثم في محافظة الزلفي وكان فضيلته قد بين ذلك في مقال بعنوان ” عمل آثم.. وفكر مظلم”
حيث قال فيه :
حدثت عملية إرهابية آثمة من شبيبة قد زاغت أبصارهم عن الحق، كانوا يستهدفون مقرَّ رجال الأمن في مركز المباحث في محافظة الزلفي، إلا أن الله تعالى سلَّم بلطفه وكرمه، وأعان وسدد الأشاوس من رجال أمننا بالقضاء عليهم ودحر شرهم وفتنتهم.
وقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصف الخوارج حيث قال: (يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ ، حُدَثَاءُ الأَسْنَانِ ، سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ البَرِيَّةِ ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ، لاَ يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ، فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ) رواه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: “‏وَالْحَدَثُ هُوَ الصَّغِيرُ السِّنِّ”.
وهؤلاء الشبيبة حدثاء الأسنان قد انحرفت أفكارهم عن جادة الصواب بسبب الانصياع إلى أفكار دخيلة أجنبية عن الإسلام الصافي الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفهمه السلف الصالح من الصحابة رضي الله عنهم.
فدخلت عليهم الأفكار التكفيرية، والنزعة الإجرامية، والنظرة المشوهة للإسلام بنظرة الدم والقتل، وصدق الله في حق أمثالهم في قوله تعالى: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا).
وقد يتساءل متسائل: من أين جاءت هذه الأفكار الإرهابية الآثمة؟ والتي جعلت من بعض شبابنا سلاحًا آثمًا يُصوَّبُ به أهل بلادنا من رجال أمننا، حتى بلغ الحال أن استحلوا دماء المصلين في المساجد بالقتل والتفجير!
والجواب: إن هذه الأفكار الثورية الإجرامية سرت إلى عقول بعض شبابنا عن طريق التأثر بفكر الجماعات السياسية التي تتسمَّى بالإسلام، وهم مبعدون كل البعد عن فهم السلف الصالح، والذي تلقوه عن نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم.
فتعاملت هذه الجماعات السياسية مع الحكومات والمجتمعات تعامل الشدة والأنفة والغلو، حتى تطور أمرهم إلى المجابهة العسكرية، والتي راح ضحاياها الأبرياء من المسلمين.
كما سعت هذا الجماعات السياسية إلى رمي باطلها في عقول شبابنا فغيَّبت عنهم فهم العلماء الراسخين للمسائل الكبار، كمسائل التكفير والبيعة لولي الأمر والسمع والطاعة له، ومسائل التعامل مع غير المسلمين، فجعلت على أعينهم غشاوة حتى صاروا لا يرون الحق الذي سار عليه العلماء الراسخون، بل صُمَّت آذانهم عن سماع الحق الذي نطق به الأكابر من أهل العلم.
بل زاد الأمر خطورة حينما زهدوا هؤلاء الشباب في كل خير ومعروف تقدمه الدولة المملكة العربية السعودية، من خدمة الإسلام والمسلمين، والخدمة الجليلة الكريمة لمكة والمدينة، وما تقدمه للحجاج والمعتمرين من التسهيل والتيسير وحسن الضيافة والوفادة، وما تقوم به دولتنا من طباعة المصحف الشريف ونشر العلم الشرعي وتحكيم الشريعة وظهور السنة، وحفظ الأمن وحقن الدماء، بل ما تقوم به من جهود كبيرة في الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة ممثلة في وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، وما تتميَّز به من رفع الأذان وإقامة الصلوات، وما تعيشه المملكة في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله من النهضة في شتى المجالات، في التعليم والصحة والصناعة والتطور والازدهار الاقتصادي والنمو العمراني وغيرها من الخير الكثير العميم بفضل الله تعالى.
كل هذا الخير وغيره بفضل الله تعالى قد غُيِّب عن عقول هؤلاء الشبيبة الذين سلكوا مسلك الخوارج، فوقعوا في فتنة تكفير المسلمين من ولاة الأمر ورجال الأمن، كل هذا لجهلهم بقواعد الشريعة الإسلامية السمحة، وصدق شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في قوله: “فَإِنَّهُمْ يَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ مُرْتَدُّونَ أَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَحِلُّونَ مِنْ دِمَاءِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ لَيْسُوا مُرْتَدِّينَ “.
وإن دولتنا السعودية من أقوى دول العالم مواجهة للإرهاب ومحاربة له، سواء كانت حربًا ميدانية، أو حربًا فكرية، فقد قامت الدولة بتوجيهات ولاة الأمر وفقهم الله بمواجهة هذه الأفكار الضالة ومحاربتها، حتى غدت دولة يُحتذى بها في وسطية الإسلام واعتداله، وهذا من فضل الله علينا.
أسأل الله تعالى أن يحفظ بلادنا ورجال أمننا، وأن يوفق ويسدد ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وأن يحفظ شبابنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.