رباب الدرسي

اختتمت أعمال منتدى “دراسات” السنوي في نسخته الثانية، والذي نظمه مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، تحت عنوان: “دور المراكز البحثية وتأثيرها على سياسات الشرق الأوسط”، وذلك يوم 28 أبريل 2019، الموافق 23 شعبان 1440هـ، في فندق “سوفيتيل البحرين”، بمشاركة واسعة من قادة ومسؤولي مراكز دراسات وبحوث مرموقة، ونخب فكرية وأكاديمية وإعلامية، إلى جانب خبراء ومختصين، وممثلي منظمات دولية عريقة.
وقدم المشاركون، أوراق عمل وكلمات ومداخلات، ثرية ومهمة، تناولت محاور وجلسات المنتدى، وهي:
تأثير المراكز البحثية في صنع السياسات: آراء متباينة.
و تعزيز صنع القرار عبر التعاون بين المراكز البحثية والإعلام.
و دور المراكز البحثية في مكافحة الإرهاب والتطرف.
كذلك أهمية البحوث للرؤى الاقتصادية وأهداف التنمية المستدامة.
وقد أكد المشاركون في المنتدى على
1) انطلاقاً من حالة التأزيم التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، فإن دور مراكز الدراسات يظل أساسيا، لصياغة رؤى واستراتيجيات وطنية، وتقديم حلول ابتكارية للتحديات التي تواجه دولنا في الوقت الراهن.
2) أهمية تعزيز العلاقة بين مراكز البحوث وصانعي القرار، مما يتيح لتلك المراكز الحصول على البيانات والمعلومات الصحيحة، التي من شأنها أن تثري عمل تلك المراكز، وتحقيق فهم أفضل للسياسات كي يكون دورها ليس فقط كخزان للمعلومات، وإنما أيضا كمكون مهم بمنظومة التفكير الاستراتيجي للدول.
3) تمثل مراكز البحوث الاستراتيجية، احدى أدوات القوة الناعمة للدولة، الأمر الذي يتطلب دعم تلك المراكز، سواء مالياً أو بالكوادر البشرية المؤهلة، للاضطلاع بالدور المنوط بها في مجالات عملها المختلفة.
4) ضرورة تأسيس شراكة ممتدة بين مراكز الدراسات ووسائل الاتصال المختلفة، لضمان نشر أهداف ومخرجات عمل تلك المراكز، بالإضافة إلى إمكانية استفادة مراكز الدراسات مما تثيره وسائل الاتصال من قضايا تشغل المجتمع بكل شرائحه.
5) في ظل سعي بعض الدول والجماعات الراعية للإرهاب إلى توظيف المنصات الإعلامية، لبث دعايات مغرضة، بهدف النيل من مقدرات ومنجزات الدول الأخرى، فإنه يجب أن تتفاعل مراكز الدراسات مع تلك المنصات، لإزالة اللبس حول بعض المفاهيم المغلوطة، ورفع الوعي لدى الرأي العام، بشأن كل القضايا، وخاصة تلك التي ترتبط بالأمن الوطني.
6) ينبغي أن تضطلع مراكز الدراسات، بدور محوري، لمواجهة ظاهرة التطرف من خلال إعداد دراسات تطبيقية، والاهتمام بورش العمل والحلقات النقاشية، لرفع الوعي المجتمعي، والاستعانة بخبراء متخصصين لعرض التجارب الناجحة في مواجهة تلك الظاهرة، وبناء خارطة طريق فكرية ذات منهجية واضحة للتعامل مع ذلك التحدي، بالإضافة إلى اعتماد استطلاعات الرأي، لتقديم مؤشرات احصائية واقعية.
7) ضرورة قيام مراكز البحوث، بإبراز التجارب والنماذج الاقتصادية العالمية الناجحة، ذات السمات المماثلة لمنطقتنا، التي تقدم دروسا مستفادة، في ظل تنفيذ العديد من دول المنطقة رؤى اقتصادية طموحة. كما يقع على عاتق تلك المراكز إعداد قاعدة بيانات صحيحة وموثقة من أجل إعداد دراسات، تتضمن حلولاً فعالة للتحديات الاقتصادية الراهنة.
وبناء على ما تقدم من آراء ونتائج، فقد أوصى المشاركون في المنتدى بما يلي:
أولاً: أهمية الاستثمار في الفكر، لمواجهة متلازمة الفوضى والتخريب، وضرورة الربط بين الأمن والإصلاح والتنمية، من أجل استدامة التقدم والاستقرار، وفي هذا الصدد، وافق المشاركون على مقترح مركز “دراسات” بشأن بحث إنشاء قاعدة بيانات مشتركة، بين مراكز الدراسات، لإثراء العمل البحثي والشراكة المتنامية.
ثانيًا: يؤكد المنتدى على الموقف الثابت تجاه مكافحة الإرهاب والتطرف، ونبذ كلأشكاله وصوره، ورفض دوافعه ومبرراته، أياً كان مصدره، داعيا إلى استمرار العمل على تجفيف مصادر تمويله، ومشددًا على أن ترويع الآمنين، وقتل الأبرياء، وانتهاك المقدسات الدينية، هي جرائم ضد الإنسانية، مدانة شكلًا وموضوعًا، وكذلك فإن استهداف الدولة الوطنية بالفوضى والتفتيت، لا يمكن القبول به أو التهاون معه.
ثالثًا: بيان أن تعدد الأديان والأعراق والمذاهب ليس ظاهرة طارئة في تاريخ المنطقة والعالم؛ فقد كان هذا التعدد وسيظل مصدر ثراء وقوة. كما أن التسامح والتعايش بين الأمم والشعوب، هي من أهم المبادئ والقيم، التي تشكل مسيرة الحضارة الإنسانية. وفي المقابل لا يمكن غض الطرف عن محاولات بعض الجهات، تقديم صورة نمطية سلبية عن الإسلام، والإفتراء على الدين الحنيف شرعة ومنهاجًا.
رابعًا: أكد المنتدى دعمه الكامل، لرؤى الإصلاح الوطنية، والتي طرحت توجهات واقعية نحو المستقبل، وأنتجت استراتيجيات للتطوير والتحديث، جوهرها الاستثمار في المواطن، عبر تعزيز حقه في بيئة آمنة، ومستوى معيشي لائق، بالإضافة إلى تهيئة السبل والفرص التي تضمن له الحصول على حقوقه الطبيعية ، وفي ظل مجتمع متلاحم يعتز بهويته وانتمائه.
خامسًا: أثنى المنتدى على التعاون المثمر القائم بين مراكز البحوث ووسائل الإعلام، كأحد مظاهر الشراكة المجتمعية، بما يصب في دعم ركائز الاستقرار، وخدمة أهداف التنمية المستدامة، داعيا إلى إيجاد آليات جديدة لتعزيز هذا التعاون.
سادسًا: ثمن المشاركون، مبادرة مركز “دراسات” بشأن تأسيس اتحاد مراكز الدراسات والبحوث العربية، يعني بالقضايا الاستراتيجية، لخدمة قضايا السلام والتنمية، وتعزيز التعاون البحثي، من خلال إقامة الفعاليات المشتركة، والتبادل المعرفي، وبناء القدرات، وصولا إلى شراكة وثيقة وعميقة، لمواجهة التحديات التي تواجه دول الاعتدال، وتسليط الضوء على دور المراكز البحثية، في دعم صناعة القرار، وتنوير وتوعية الرأى العام.
سابعًا: وإذ يثني المشاركون في المنتدى على مبادرة مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة “دراسات” كمركز فكري مستقل ورائد، وحرصه على توثيق التعاون الفاعل بين مراكز الدراسات والبحوث العربية، وتطوير دورها في صناعة القرار، فإنهم يرفعون بالغ الشكر والتقدير إلى مملكة البحرين، ملكًا وحكومةً وشعبًا، متمنين للمملكة العزيزة كل التوفيق والنجاح في أداء دورها الريادي في دعم العمل العربي المشترك، وتطوير البحث العلمي. كما يتقدمون بجزيل الشكر والثناء إلى مركز “دراسات” رئيسًا وإدارة وباحثين، على جهوده البناءة، ولكافة التسهيلات التي بذلت في إعداد وتنظيم هذا المنتدى الدولي المتميز والمرموق.