بقلم... محمد الهديب

دائمًا ما تُخرِج الأزمات حلولًا سريعة بهدف تفتيت الأزمة وغالبًا ما تكون مؤقتة لحين البحث عن حل جذري يجتث المشكلة من أساسها ولكن مع الأسف تستمر الحلول المؤقتة حتى تتأزم الأمور.

ومن الأمثلة على ذلك أزمة السكن التي تم نفخها من قبل المستفيدين بهدف رفع العقارات والأراضي حتى وصلت إلى أرقام فلكية مما استدعت الحاجة لإيجاد حلول سريعة من بينها بناء شقق بشكل عشوائي دون أن يراعى فيها عدد مواقف السيارات مقارنةً بعدد الوحدات السكنية، وكذلك خزان المياه المشترك الذي جعل الصراعات لا تنتهي على مورد المياه بالإضافة إلى غياب المسؤول عن المرافق العامة داخل البناية وصيانتها ،كل هذه الأمور أخرجتنا من حل الأزمة السكنية إلى أزمات أكبر بنشوب خلافات كبيرة بين السكان وذلك لعدم وجود قانون ينظم هذه الفوضى بفرض مبانٍ ذات مواصفات ومقاييس تؤمن رغد العيش لقاطنيها 

ومن الأزمات أيضًا القروض البنكية التي استفاد منها العقاريون برفع منتجاتهم لضمان أن البنك سيعطيهم نقدا كاملا وسينفرد البنك بمرتب المستفيد ويقتص منه مبلغًا ضخمًا لمدة 25 عام دون النظر في تبعات هذا الصنيع الذي سيودي بحياة الموظف فعندما قرر شراء المنزل عن طريق البنك تحت ظروف مواتية في وقتها دون أن يعمل حسابًا بأن أسرته تكبر واحتياجاتها تزيد وأن منزله بعد مضي أكثر من عامين يبدأ في طلب الصيانة المعتادة 

كهرباء سباكة وخلافة من المشاكل الاستهلاكية وكلها تضغط على المتبقي من الراتب ، مما يضطره للبحث عن عمل إضافي لسد العجز الذي يمر به ولكن المشكلة ليست قصيرة ليتم الصبر عليها فتنقضي فهي عميقة ومدتها 25 عامًا لن يستطيع أن يتحمل مع ضغوط الالتزامات وسينهار وينعكس سلبًا على سلوكه نحو أهل بيته وأولاده وهنا ندخل في نفق القضايا الاجتماعية وسنجد أن المشكلة لم تعالج بل تفاقمت 

ولكي تنجح الحلول يجب الاستعانة بفكر من يعانون المشاكل ويعاصرونها يومًا بعد يوم فهم أدرى بالاحتياج وليس من يأتِ من خارج الدائرة فهو لن يستطيع أن يشعر ويستشعر مدى الحاجة ليتم معالجة الخلل 

وتعتبر هذه القاعدة السليمة لو طبقت في مجال العمل وفي أي مجال يواجه مشكلة فلا تضع أناس من خارج المنظومة بحجة أنهم يحملون شهادات علمية وبمقدورهم إيجاد حلولٍ بمجرد أنهم نجحوا في مجال معين 

 فالموظف القابع جل حياته في هذا المجال حتمًا سيكون أفضل من الشخص الجديد الذي سيتعلم من القائمين على رأس العمل فهم الأولى بالمناصب لعلمهم ودرايتهم بكل صغيرة وكبيرة في مجالهم ولتوفير المال والجهد بوضعهم للخطط السليمة بعيدة المدى ،

ولنجاح أي منضومة يجب إبعاد الأطماع الشخصية وعدم تقديم المصلحة الخاصة على العامة ..

فالدولة لم تتهاون أو تبخل في الدعم لأي أزمة ولكن يبقى الخلل في البعض الذي لم يحسن الإدارة ولم يكن بقدر الثقة التي حظي بها من قبل القيادة الكريمة 

لذا يجب أن يتقن الجميع التعامل مع هذه الثقة التي حظوا بها من قبل سيدي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الامين وتذكروا أن الأموال لا تدوم لذا يجب حسن استغلالها بإنشاء بنية متينة تخدم التزايد السكاني لمئات السنوات فكلما كانت الحلول جذرية كلما قفزنا للأمام وباشرنا منجزات جديدة .

فدعونا لا نقبع في الحاضر وغيرنا يتطلع إلينا من المستقبل.