بقلم/نورة الخبراني

فوق ظهرك جبلٌ عظيم، وذلك الجبل أدى بك للانهيار، ومهربك الوحيد هو النوم، فتخلد اليه في ساعةٍ مبكرة، لكن في الحقيقة أنت لا تنام، بل تظل تفكر مرارًا وتكرارًا كيف ستقابل الصباح بحمله الثقيل؟ كيف ستواجه الناس بكسرك الأليم؟ كيف وكيف وكيف؟.. ومع الأيام أصبحت فعلًا تخلد للنوم مبكرًا وتنام بعمق شديد، لماذا؟ لكي تهرب من ذلك الجبل، وتخاف الانهيار أكثر، لكن سرعان ما تشرق الشمس، ويدنو ذلك الصبح، وعلى هذا الحال أيامٌ تتلوها أيام، ثم تستيقظ يومًا وإذ بالشمس ترى أنها لا تنير صباحكَ كالسابق، لا بل وحتى كوب القهوة الذي كنت تصنعه بحب لتتلذذ به لم يعد له طعم، سريرك مبعثر، وغرفتك في حالةٍ مزرية، وحيد لكن حولك الكثير من الأشخاص، وكثير من الضوضاء، ثم تهرب لغرفتك وتغلق الأبواب ليعم الهدوء، لكن في الحقيقة لم تجد الهدوء، فعقلك وقلبك يهتريانِ من شدة التفكير والمشاعر الوخيمة، أين المهرب يا ترى؟ كيف سأتخلص من كل هذه الأشياء؟ كيف سألملم انهياري؟ وإذ بعقلك يقول لماذا لا تقف مرة أخرى؟ لماذا لا ترمي بذلك الجبل من فوق ظهرك؟ وإذ بك تنفعل مع تلك الفكرة العابرة.. 

وتقول في قلبك بيقين لماذا لا أرمي بذلك الجبل حقًا من فوق ظهري؟ لماذا لا أقف مجددًا؟ لماذا لا أصنع من الانهيار الوخيم انتصارًا عظيما؟ لماذا الركود وأنا أقوى على الصعود؟ لماذا ولماذا ولماذا؟؟.. وكثير ٌ من الأسئلة التي حقًا أنارت لك الطريق..

في تلك اللحظة تمامًا قررت أن تقف على قدميك، وأول ما قمت بفعله، توكلت على الله، ثم ثانيًا شددت العضيد ووقفت على قدميك، لكن للأسف سقطت، وظللت تحاول مرارًا وتكرارًا حتى استطعت الوقوف، فأهم ما قمت به، هو أنك انتبهت للتفاصيل الدقيقة، فمثلًا غرفتك تلك المبعثرة قمت بترتيبها، الأشخاص الذين حولك أعطيتهم قيمتهم وقمت بالعطاء لأنك أيقنت أن ذلك العطاء هو لك السناء، وأخذت قلما وبدأت بكتابة مذكراتك وكل ما تحتاج فعله، فوجدت نفسك تتلذذ بكوب القهوة، ثم ذلك الصباح عادت له إشراقته، لم تعد تخلد للنوم مبكرًا لأنك تخاف من ذلك الانهيار، لا بل تظل حتى ساعاتٍ متأخرةٍ تعمل، ووقفت على قدميك بصلابةٍ تتخطى صلابة الفولاذ.. صعدتَ درجة تتلوها درجة، ولم تستسلم للركود والانهيار، وأخيرًا ها قد أو شكت على الوصول، فتعثرت ثم رميت بتلك العثرة بعيدًا، وها أنتَ ذا وصلتَ للقمة، وصنعت من ذلك الانهيار انتصارًا، ولم تستسلم للركود، بل واصلت الصعود، لماذا؟ لأنك أيقنت أنك تستطيع، ثم بعد ذلك أحسنتَ الصنيع، وأثبتَّ ذلك لنفسك والجميع.