أ. نورة الخبراني

أمواجٌ عاتية، وارتطاماتٌ دامية، وضوضاءٌ عارمة، وجلجلةٌ مخيفة، وصرخاتٌ قاتلة، وانهياراتٌ مدمرة، إنّها معركة..
ولكن..
يا تُرى ماهيَ تلكَ المعركة؟
في أيّ زمانٍ ومكانٍ أضرِمت؟
وهل حدَثت فِعلًا؟ أم أنها على الأبواب؟
كيفَ لنا أن ننجو منها؟ هل نستطيع البقاء؟
أم آنَ لنا أن نرحل؟
أسئلة تترى بعضها البعض، ولكن ماذا لو أجبتك بأنّ تلك المعركة هي أنت؟
نعم إنها أنت.
نحنُ لسنا إلا مزيجًا من الأفكارِ ومجموعة من المعتقدات وتجاربٌ خضناها، ومشاعرٌ تتصادمُ مرارًا وتكرارًا مع الأفكار، لتصنع بداخلنا إمّا سلامًا أو عِراكًا..
هل تساءلت يومًا ماذا لو أنّ الأفكار قررت التوافق مع المشاعر؟ أو أن المشاعر قررت التوافق مع الأفكار؟
يا سلام سيحدث السلام الداخلي الذي نهفو إليه..
ولكن ماذا لو أخبرتك أن السلام لن يحدث حتى آخر رمق من أنفاسنا..
لطالما ما تقاتل القلب والعقل حتى في أتفه الأمور، لتحدث تلك المعركة الدامية حتى في أقل الأمور عبورًا..
هذه هي الطبيعة البشرية، وهذا ما يميّزها عن سائر المخلوقات على وجه الأرض، فالمخلوقات الأخرى لا تركز إلا على غرائزها وفطرتها..
فنحن البشر أكثر تعقيدًا مما نظن..
ولكن مالحل؟ هل من سبيلٍ لتهدئة أوجَ تلك المعركة؟
نعم هنالك سبيل لربمها هو أصوب الخطا..

بدايةً علينا أن لا نكبحَ ما نشعر بهِ، وأن نعطي مشاعرنا مكانًا للمرور والعبور
ومن ثمّ نوجه أنفسنا إلى السبيل الصحيح حتى وإن كان يتنافى مع مشاعرنا، فهي قد سمحنا لها بالعبور بدون أن لا نجعلها تسيطر علينا..
عِش ذبذبات مشاعرك ووجدانك كما ينبغي لك أن تعيشها
افرح، اصرخ، اغضب، احزن، ابكِ، فرّغ، تحدّث..
المهم أن لا تكبحها عن عبورها، أوأن لا تتجاهل وجودها، كي لا تجعل معاركك الداخلية قائمةً تفيضُ دماءً عارمًا، والضحية هو أنت..
كي تمتلك بعدها التوازن النفسي والسلام الداخلي المصحوب ببسماتك وسعادتك، والرضى التام عن نفسك..
أعطِ ذاتك الوقت الكافي للتعافي..
فقط، أعطِ لكلّ شيء وقتهُ الكافي..
فكلُّ شيءٍ مقرونٌ بالوقت، ولكن كيف أنت ستتعامل معه؟ إجابتهُ في جوفك.