محمد الهديب

يقول الفيلسوف الألماني فريدرك نتشيه ( لقد اخترعنا الفن لكي لا نموت من الحقيقة )

وهذا ما يسعى إليه الإعلام العالمي ببثّ السعادة في شعوبهم من خلال الأعمال التي تتسم بالفكاهه والدراما بشتى أنواعها ..بعيداً عن الأعمال ذات المحتوى السياسي .
والمراد به زرع أفكار داخل الشعوب كتصوير العالم الإسلامي والعربي بأنه يعاني من وطأة التأخر والتُخلف عن الحضارة وبأنه مازال يعيش حقبة القرون الوسطى في تدبير شؤون حياته اليومية .
كالمعيشة في الخيام ، والتنقُل من مكان لآخر عن طريق البهائم .
وكذلك محاولة إلصاق صفة الإرهاب في الأعمال المُقدمة للعالم ، وهذه النقاط نعرج عليها للتوضيح ، فأما حديثنا معني بالمجال الفني الترفيهي فقط.

فمع تطور الحركة الفنية السينمائية والتلفزيونية التي انتقلت إلى عالمنا العربي عن طريق الإستعمار الأجنبي بثقافاته ..حيثُ اخرجت أعمال عربية مُترجمة من روايات عالمية على أيدي مُخرجين أجانب مماجعل السينما تزدهر وتُخرج مبدعين أصبح جُلّ إهتماهم نجاح العمل ،بتذليل جميع الصعاب التي تواجههم دون النظر في المصالح الشخصية ، وإنما الهدف هو الإتقان الذي تلاشى بعد خروج المُبدعين من الساحة الذي كان من أسبابه وفاة بعضهم واعتزال الآخرين ليتمكن من الساحة مالا يملكون النفحة الفنية في إدارة شؤون الفن، ليخرج لنا كيان مشوه مُختلف المقاييس ، إن وجدت من الأساس .

حيثُ خرج علينا من ينظر إلى الأسفاف بأنه إنفتاح فني، وهناك من قطع شعرة الكوميديا ليكون التهريج ديدنه.
هذا غير المنتج الذي أصبح هو رجل الأعمال والمُمثل والبطل ليتدخل بكل صغيرة وكبيرة ،ويُلغي نشاط كل مُبدع في مجاله من أجل بروزه على حساب الماده المقدمة.

ويعود السبب في هذا الفشل الذي نعيشه لعدة أسباب منها :
تدخل القنوات الرسمية في شراء هذه الأعمال دون وضع مقاييس إحترافيه، كالنظر إلى النص ومحتواه وإختيار الطاقم ،ومراقبة الإنجاز أول بأول وتعديل الأخطاء قبل تفاقمها.

كما أن القائمين على التعاميد وإختيار الأعمال ليسوا فنانيين ليجيدوا التقييم وإنما يتم التعميد بسبب ضيق الوقت أو من أجل محاباة لأشخاص يجيدون التداخل مع الجهاز الإداري في القناة .

وبسبب هذه السياسات المغلوطة التي أعدمت روح التنافس وجعلت التعاميد لا تذهب إلا لمنتجين معينين ،لا يهمهم إلا وضع اكبر كمية من المال وتوفير كلفة الإنتاج وبروزهم على حساب ما يتم تقديمة للمشاهد الذي لا يعنيهم حقيقتاً وإن ابدوا غير ذلك في لقاءاتهم .
بأن عملهم نجح وإن توحدت الآراء بفشل العمل نجد المبررات أهون من بيت العنكبوت ..بضيق الوقت وندرة الكتاب والكادر الجيد وووو الخ ……

أعذاراً لا تنتهي حتى تدهور الفن لدينا، وأصبح لا يستطيع أن يحمل نفسه ويكون عالة على القطاع الحكومي .

نحن نحتاج إلى معجزة تنتشلنا مما نحن فيه ،بخلق معاهد متخصصه تتبنى المواهب، لنصنع نجوماً ينطلق منها القطاع الخاص في تمويل هذه الأعمال ، ورفع حركة الإنتاج ونقله من القطاع الريعي إلى القطاع الربحي .

لأننا دولة بها ثقافات وحضارات مختلفة متنوعه من كل مجال قطرة فلو تم الإستفادة من كل الطاقات وجمعهم تحت مظلة ترسم خطوطاً استراتيجية منها قصيرة المدى ومنها طويلة المدى لنصنع عالم هوليود الخليج .

ويصبح الفن لدينا مُتنفس للشعب بدلاً من هذا الغثاء الذي نعيشه من طرح سيئ ، وتخطيط أعمى ،وأفكار مؤقته ، تنحصر في شهر واحد فقط شهر رمضان.
الذي يجعلني اطرح تساؤلاً لماذا نضيق من واسع؟! ونجعل النشاط والزخم في هذا الوقت من السنه ؟!لماذا لا تكون كل السنة إبداع وصناعه؟؟؟ أين الذي سيكسر هذا البرتكول المتبع منذ عشرات السنين ؟.

خلاصة الكلام يا فريدرك في حالتنا الموت من الحقيقة أهون من الفن الذي يُطرح لدينا.