زهراء دغاس

تزخر مناطق المملكة العربية السعودية بالكثير من العادات والتقاليد الشعبية القديمة في العديد من المناسبات الإجتماعية والدينية ، وترتبط بعض الأكلات الشعبية بأوقات ومناسبات معينة، كالأعياد ، حيثُ تحرص أغلب الأسر على تناولها، وهناك العديد من الموروثات الشعبية في الأعياد، التي تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل .

وعلى الرغم من تشابه الكثير من عادات السعوديين ما بين عيدي الفطر والأضحى إلا أن الأخير يتميز ببعض الأمور أبرزها طبعاً الأضحية ودورها في فرض الحميمية الأسرية والتأكيد على التقارب الأسري والحرص على القيام ببعض العادات في منزل كبير الأسرة.

وعلى مستوى الطقوس في أضحية العيد يتفق أغلب السعوديين على اجتماع الأسرة أثناء ذبح الأضحية وقضاء صباح العيد عند كبير الأسرة، ثم إعداد طبق العيد من لحم الخروف على اختلاف المسميات فيما يكون أغلب الشباب مواصلين للسهر، وقبل الظهر يكون أغلبهم يخلد للنوم حتى وقت متأخر مساء. هذا فيما نقل الكثير من أهالي العاصمة عادات الديرة لقلبها النابض وأهمها الأكل الجماعي في أحد طرق الحي صباح العيد بعد أداء الصلاة.

وفي منطقة جازان تحديداً تُعد أكلة (المحشوش) من الأكلات الشعبية المتوارثة  

والتي يكون لها طعم ونكهة خاصة في عيد الأضحى المبارك حيثُ تحرص ربات البيوت على إعدادها مُنذ القِدم ولازالت هذه العادة تتوارثها المرأة الجيزانية عن أجدادها إلى يومنا هذا .

وتتلخص طريقة إعداد هذه الوجبة بقيام كبيرات السن بمساعدة الرجال عندما تُذبح الأضحية في تقطيع اللحم إلى قطع صغيرة، بعد فصله عن الشحم والعظم ، فضلاً عن تقطيع الشحم إلى قِطع متوسطة أكبر من قِطع اللحم، وبعد ذلك يُغسل حتى ينظَّف، ثم يُترك في الهواء حتى يجف.

وبعد ذلك تُحفر حفرة ، وتوضع فيها ثلاثة أحجار متقاربة الأحجام ، ثم يوضع القِدر فوقها، ليتم إشعال النار، ثم يوضع الشحم ويتم تحريكه حتى يُنتج زيتاً ، ليوضع اللحم من بعده ويتم غَلْيهٌ في ذلك الزيت حتى يستوي ، ويُفضِّل البعض على المحشوش وضع بعضاً من البهارات، والهيل، والملح. لتٌضفي عليه طعماً أفضل ورائحة زكية .

 وتحدثّت المواطنه أم وليد بقولها : تُسمى عمليّة طهي المحشوش بـ”الحش” والتي غالباً ما تكون بإجتماع الأهالي، حيثُ جرت العادة، في كثيرٍ من محافظات منطقة جازان، أن يجتمع الأبناء بأسرهم مع آبائهم ، وأجدادهم في أجواء تسودها فرحة العيد والمحبة والأُلفة، ويقومون بعد ذلك بتقطيع اللحم ، والحش معاً، وغالباً ما يختار المساء كأفضل وقتٍ للحش.

وذكرت أم احمد إلى أن أفضل وقت لطهي المحشوش في المساء ويكون على دفعات إلى أن تنتهي الكمية، إذ يتم تقديم جزء منه للأسرة لتذوقه وحفظ المُتبقي لتناوله وقت موعد الطعام ولا يقتصر على وجبة محددة، إذ يستخدم في الإفطار والغداء والعشاء ويقدم معه خبز التنور “الخمير” والدقيق والبر، ويكفي لوحده عن وجبة كاملة.

ومن عادات أهل القنفذة في أيام عيد الأضحى المبارك عمل الجليم وهي أكله قُنفذيه توارثها الاباء عن الأجداد مُنذ زمن ليس بالقريب

و”الجليم” هو عباره عن قطع من اللحم الصغير تُجمع من بقايا الأقسام التي يهديها كل بيت لجيرانه وكانو قديماً ونظراً لعدم وجود حافظات (ثلاجات) فيضطرون إلى تقطيعه إلى قطع صغير وتطبخ مع الشحم والبهارات لفترات طويله ويترك حتى يبرد ويستخدمونه لفتره طويله ،

وحتى لايفسد يجب عدم لمسه باليد مباشره

،وللمعلوميه فهوغني بالزيوت ولكن الزيوت الطبيعيه ، ونادراً مايترك بيت من بيوت القنفذه عمل الجليم هذه الأيام وبالهناء والعافيه. 

وفي المنطقةالوسطى تحديداً بما فيها العاصمة الرياض تتشابه الأطباق الشعبية في مسمياتها وطريقة إعدادها، وتعتمد في المقام الأول على القمح واللحم أو القمح والتمر، وبعد ذبح الأضاحي تقوم النساء بتحضير وجبة الإفطار والتي تسمى (الحميس) المكونة من قطع من اللحم الصغير والكبد والكلاوي والقلب أو ما يسمى (معاليق) الخروف، تضاف إليها كمية كبيرة من البصل والطماطم والبهارات ويتم طبخها في قدر كبير على نار هادئة. وطبعا هناك أطباق شهيرة مثل كبسة اللحم والقرصان والجريش والذي يعتمد على اللحم والدقيق المجروش واللبن، وهناك أيضاً الحنيني وهو عبارة عن أقراص من العجين اللين تسمى (مراصيع).

أما في المنطقة الشرقية، فطبق الهريس الشرقاوي هو الأشهر ومن أهم الأطباق الشعبية في كل من الدمام والأحساء والقطيف؛ حيثُ يشكل طبقاً حاراً وغنياً بالمواد الغذائية، وفي صباح عيد الأضحى تقوم الأمهات والزوجات بإعداده، ومن الأطباق الشعبية أيضاً خبز التاوة وخاصة في منطقة القطيف، ومن الأطباق الحلوة والتي يتم إعدادها في المناسبات والأعياد العصيدة والكليجة والممروس.

وفي المنطقة الغربية عموماً تحرص النساء على إعداد أشهر الأطباق الحجازية من الحلويات والمكسرات، وبعد العودة من أداء صلاة العيد تبدأ الزيارات والتجمع لدى كبار الأسرة،وطبعا ككل السعودية تحرص العائلة على قضاء صباح العيد عند كبير الأسرة، وهو الجد أو الجدة أو الأب، وذلك بعد صلاة العيد مباشرة، على مائدة تتصدرها أكلة “الدبيازة” التي تتكون من بعض الفواكه الجافة، وهناك أيضاً الزلابية الشهيرة.

وفي الشمال، تبدأ السيدات بعد صلاة العيد وذبح الأضحية في طهي الطعام المصاحب للحم الأضحية والذي كان قديماً يوضع لوحده بسبب ندرة الذبائح، وهو مكون من المطازيز والهريس والجريش والحميس، ولم تختف بعد عام السفرة العملاقة في الشارع التي يجتمع عليها رجال وشباب وأطفال الحارة.

هذا فيما تجتمع السيدات في منزل إحداهن وتوزع الهدايا على الأطفال، وبعد صلاة الظهر يرتاح الناس في بيوتهم إلى وقت المغرب، وتقوم العديد من القبائل بنصب مخيم ضخم لاستقبال المباركين يكون حافلاً بالألعاب الشعبية، والجميع يتناول حلويات العيد وهي كليجة حائل والبقل والتمر.

هذا فيما أدخلت البرامج الإثرائية والفعاليات التي تقوم بها أمانات وبلديات المناطق حراكاً جيداً، بالإضافة لأنشطة فروع الهيئة العامة للسياحة والآثار، هذا فيما تحرص طبعاً الكثير من الأسر على السفر أو التنزه والذهاب إلى البر بدءاً من ثاني أيام عيد الأضحى. 

هذه العادات والتقاليد وفعالياتها أجبرت قرابة 9 ملايين وافد على مشاركات الجاليات في هذه الفعاليات بعاداتها وتقاليدها، وأصبحت تجد جمهوراً خاصاً لها.