مشاري الوسمي
قد يعاندنا الحظ وتتفرق بنا الطرق، تتلاعب بقلوبنا المسافات و تأتي رحمة الله على هيئة صدفة .. يتصاعد لهب الشوق في صدري حتى يئن قلبي و تكاد روحي تخرج من بين أضلعي..
أترك مكاني غير مبالٍ بمن حولي فأتجول هنا وهناك، ضائقة بي الحياة، فيسوقها لي ربي صدفة، تتشبع بها زوايا العين، تقل مسافات الضلوع و يهدأ خفقان قلبي.. فأعود إلى حالتي الطبيعية شيئًا فشيئًا، هي نظرة أطفأت ما اعتلى بصدري من حريق و سكّنت جنبات النفس الجامحة.. قد لا أتذكر تفاصيل المكان و مرور الوقت لأن وجودها طغى على وجود البشر، أوقف مرور الساعات و قتل ما تبقى من الدقائق.. نظرتها لي لم تكن إلا النظرة الأولى، يتيمة لا أخت لها و لكنها كانت بكل نظرات الناس ..
الوقت ان صدق فهو كلمح البصر أو أقل.. غادرتني و غادرت مكانها دون ان تلتفت، أخذت مني أكثر من ما أملك و لم تُبقى لي إلا نبضات أعيش بها، لها و من أجلها.. لم أستطيع الحراك من مكاني و كأنني تسمرت به، كأن رائحتها فاحت وملئت صدري فسكنتني وأعادت الحياة لأوصالي الشاحبة.. أكاد أجزم أن كل من حولي لاحظ شوقي و ولعي ونظراتي الحائرة التى تبحث عنها وعن السبيل لوصالها وكل ما يوصلني إليها ..
غادرتُ مكاني و كلي ممتلئ بها.. لم اعد أرى غيرها أو أتنفس غير عبيرها، لن ترويني نظرات من حولها من بنات جنسها.. خرجتُ هائمًا أشتكى بثي و حزني لرب النجوم و القمر، وألقي بهمومي في البحر الهائج متلاطم الأمواج لعل نفسي تصفوا وتعود إلى سابق عهدها .. فلقد اشتقت لذاتي بدونها و تفاصيل يومي بعيدة عنها.. لكنها هواجس الشوق و هذيان الرحيل ، فلا وجود لذاتي إلا معها ولن أكون بيومي إلا برفقتها ..
فيارب الصدف.. سخر لي آلاف الصدف في كل طرفة عين ، مع كل نبضة قلب و كل نفسٍ يخرج من صدري كسكاكين شوقٍ تمزقني، مع غصةٍ تفرق شتاتي و تكسر أضلعي.. فلربما صدفةٍ تكون أجمل وأدفئ من ألف ميعاد ..
دمتم محاطين بأجمل الصدف و أروعها..

+ أضف تعليق
التعليقات (1)
طرح رائع من استاذ راقي