الأخلاق ضرورة اجتماعية لا يستغني عنها المجتمع

مقرن بن ربيع

الحمدُ لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن سار على هديه إلى يوم الدين، وبعد

مــدخل
جمال ‎الروح هو أن ” تبتسم ” ..
وجمال ‎الأخلاق هو أن تجعل غيرك
” يبتسم ” ..

‏‎-الأخلاق هي تاج الأحاديث بين الناس فلا تترك شيئاً في قلبك ضد أحد إصفح وسامح وتجاهل وأحسن الظن وكن بـأخلاقك أنت الأجمل
لخّصَ النبيّ الكريم سيدُنا رسولُ اللهِ صلوات الله وسلامه عليه، رسالتَه وغايةَ بعثته، بكلمة موجزه ، حين قال: (إنما بُعثتُ لأُتَمِّمَ مكارم الأخلاقِ)
وقال ابن القيم (مقالي القادم ‏الدِّينُ كلُّه خُلق فَمن فاقكَ في الخُلق فَقد فاقكَ في الدِّين)
الخُلق هو أبرز ما يراه الناسُ،ويُدركونه من سائر أعمال الإسلام؛ فالناس لا يرون عقيدةَ الشخص؛ لأن محلَّها القلبُ، كما لا يرون كلَّ عباداته، لكنهم يرَوْن أخلاقه، ويتعاملون معه من خلالها؛ لذا فإنهم سيُقيِّمون دِينَه بِناءً على تعامله،فيحكُمون على صحتِه من عدمه عن طريق خُلقه وسلوكه، لا عن طريق دعواه وقوله،
الأخلاق هي العبير الذي يأخذ بالنفس؛ فيبقى له في القلوب عبقاً لا يُنسى، وكلما تزوّد المرء من هذا العبير، زادت مكانته في قلوب من حوله
العصر الذي نحياه الآن، وإن امتلك المرء من الشهادات والمهارات ما يعجز عنه غيره، فإنه لن يرتقي للمكانة التي يرغبها ما لم يتوسل لذلك بخُلُقٍ حسن ،
معاملة الناس بحسن الخلق، وهو طلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى عن الخلق، وتحمل أذاهم، والإحسان للمؤذي ما كان في الإحسان إصلاحٌ، اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وطلبًا لكريم ثوابه، وحسن عاقبته، يجمع خيرَي الدنيا والآخرة، ويؤهل صاحبه لبيت في أعلى الجنة، صاحب الخلق الزكي ينال المرتبة العليا والمكانة الأسمى، فنبينا -صلى الله عليه وسلم- يقول: “إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاَقًا” .
الأخلاق الطيبة والتعاملات الحسنة مطلوبة من كل حي تدب فيه الحياة، ويعيش على وجه البسيطة، لكنها مطلوبة من الكبار أكثر من الصغار، كون الكبار يحملون الحكمة والحنكة والبصيرة الثاقبة والصبر والتأني، والعمر والتجربة، والقدرة على كبح جماح النفس والهوى، عكس الصغير الذي يعيش فترة الطيش والتهور، وقلة التجربة، ومحدودية الصبر والتأني، أن للأخلاق الحميدة، والتعاملات الطيبة، ثمار لذيذة، كون أشجارها باسقة وثابته وجذورها ضاربه بالعمق، فالأخلاق منظومة متكاملة للحياة، ولا تستقيم الحياة إلا بها، وهي مؤشر للحياة النقية، والضامن لها، وانعدامها يعني الخيبة والخسران، وانعكاساتها خطيرة على الفرد ذاتها والمجتمع، أن الأخلاق الرفيعة العالية فيض من ينبوع الإيمان، يشع نورها داخل النفس وخارجها، فالأخلاق ليست حلقات منفصلة عن بعضها، بل حلقات متصلة ومتحدة في سلسلة واحدة، والأخلاق ليست لونًا من الترف، يمكن الاستغناء عنه في لحظة الحدث، وليست ثوباً يرتديه الإنسان ثم ينزعه متى شاء، بل هي ثوابت دائمة، لا تتغير مع المعطيات والمواقف والمتغيرات،
أن مكارم الأخلاق ضرورة اجتماعية لا يستغني عنها مجتمع من المجتمعات، ومتى فقدت الأخلاق فسد التعامل، وتفكك الناس .

مخــرج
قال أمير الشُّعراء أحمد شوقي

وَجَدتُ العِلمَ لا يَبني نُفُوساً ولا يُغني عَن الأخلاقِ شيَّا…
ولَم أَر في السِّلاح أَضلَّ حَدّاً مِنَ الأَخلاق إنْ صَحِبَتْ غَوِيَّا…