علي احمد معشي

حفظ الله بعلمه وقدرته وملكوته التوازن بين الأجرام والنجوم والكواكب وأمسك السماء أن تقع على الأرض من خلال موازين ومعايير دقيقة لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى وضمن لكل المخلوقات والكائنات كبيرها وصغيرها جليلها ودقيقها حياتها وسبل بقائها وجعل لكل مخلوق نصيب من الآخر بما لا يضر ولا يؤثر على حياة الآخر وجعل قانون الصراع وتفاوت القوى وتكافؤها بين المخلوقات ليخرج بها عن الرتابة المملة والسكون والركون إلى حالة دون أخرى ليبتلي صبرهم وعملهم ويجعل لهم أدواراً مختلفة وأنماطاً متباينة ، و بين فترة وأخرى يبتلي عباده بالأحداث والكوارث والأوبئة بأشكالها المختلفة والمتنوعة ، فقد يبتليهم بالزلازل والبراكين والفياضانات كبلاءات كبيرة وقد يأتي البلاء بمخلوق أو كائن صغير أو دقيق لا يرى بالعين المجردة ليثبت لهم قدرته عليهم وملكه العظيم وتصرفه المطلق في الكون دون سواه ، وفي كل مرة يجد الناس أنفسهم بحاجة للجوء بفطرتهم إلى الله دون تردد مهما كانت دياناتهم و مذاهبهم لينقذهم من الهلاك والمرض وكأن ما يحدث ماهو إلا تحديث لعلاقة البشر والمخلوقات عموماً بخالقهم وتصحيح المسار بين الأرض والسماء لتبقى كلمة الله هي العليا دائماً ، وليأخذ الحق طريقه الصحيح ويضمحل الباطل ، وحينها يرفع الله البلاء بقدرته وكرمه ، ثم تعود الطمأنينة للناس وتتسرب الغفلة مجدداً لتعود الدائرة الكونية إلى أن يبلغ العالم نهايته و تبدأ الحياة الآخرة ليجد كل عامل ما عمل وينال كل جزاءه وثوابه وينتهي مبدأ العقاب للمؤمنين الصالحين ويعيشون في نعيم مقيم كما وعدهم الله تعالى ويبدأ العقاب للعصاة والمتمردين على ربهم فمنهم من يكون عقابه مؤقتاً ومنهم من يكون دائماً في عذاب مقيم .
وفي ذلك عبرة لذوي العقول والألباب النيرة والقلوب اليقظة ليتعظوا من الأحداث الدائرة عليهم بين حين وآخر غير متجاهلين لحكمة الخالق العظيم من وراء ذلك لعلهم يفوزون برضا ربهم في الدنيا والآخرة .