بقلم... د/عثمان بن عبدالعزيز آل عثمان

‎ كل إنسان في هذه الحياة الدنيا يسعى إلى سعادته بطرق مشروعة، وهي مطلبٌ أساسي وحقيقي لكل إنسان عاقل، غني أو فقير، ولكنهم يختلفون في نظرتهم لها، فالبعض يراها في جمع المال، وآخر يراها في حصوله على منصب عمل رفيع، وآخر يراها في حصوله على أعلى الشهادات الأكاديمية، وهكذا…   

فكل هذه الأمور جزءٌ من سعادتك، وليست السعادة كُلها، فهي سعادة وقتية تزول بزوالها، فربما صاحب المال يفقد ماله، وصاحب المنصب قد يفقد منصبه، بل إنَّ هذا المال إذا لم يستخدمه صاحبه في طاعة الله تعالى يكون وبالاً عليه، قال الله تعالى: “فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُون” (سورة التوبة: ٥٥). 

قال الشاعر : 

ولست أرى السعادة جمع مال 

ولكن التقي هو السعيد 

ليس السعيد الذي تسعده دُنياه 

إنَّ السعيد الذي ينجو من النار 

ولعلَّ من أهم أسباب السعادة:

الإيمان بالله تعالى، والعمل الصالح، قال تعالى: “مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )سورة النحل ﴿٩٧﴾.

وكذلك من الأسباب الإيمان بقضاء الله تعالى وقدره، فالإنسان العاقل إذا آمن بالقضاء والقدر، أحَسَّ براحة نفسه، وانشراح في صدره بما وقع له، وإن كان مما يكره، فقد أخبر رسول الله – صلى الله عليه وسلم- :إنَّ الإيمان بالقضاء والقدر ركن من أركان الإيمان الستة .

فبعد زوال النعمة يبدو أثرها واضحًا على النفس وذكراها أليمة، والحرمان من الشيء بعد حيازته أشد ألمًا للنفس من استمرار حرمانها قبله.

ولا تنسَ سِرًّا عجيبًا من أسباب السعادة، وهو ذكر الله تعالى، الذي يطرد الهمَّ والحزن، ويجلب الفرح والسرور وطيب العيش، قال تعالى: “الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ” سورة الرعد﴿٢٨﴾

وهناك أمرٌ مهمٌّ من أسباب سعادتك، عندما تقتنع بما قسم الله تعالى لك من الرزق، يشرح صدرك وترتاح نفسك. 

 وأمر مهم من أسباب سعادتك الحقيقية أن تكون على علم ويقين أنَّ السعادة سعادتك فى الآخرة، وأنَّ الدنيا دار مصائب ونكد وحزن، قال تعالى:” لقد خلقنا الانسان في كبد” (سورة البلد) 

وتتذكر قول النبي- صلى الله عليه وسلم-: “الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر”.

أخيرًا من أسباب سعادتك الإحسان لمن أساء إليك، فالجزاء والثواب من رب العالمين.