بقلم /أمل حسن جلال

تلك العجوز التي أنجبت سلالة الذكور والإناث من الجمل وعلوم الفصاحة والبيان قد انحنى ظهرها وقسمته الأحداث ظلت شامخة ترفع رأسها بعز وكبرياء تشير: هؤلاء الشعراء والعلماء أحفادي الذين أنجبتهم علومي.

 كانت تتوكأ على عصور الأدب وترصع تاجها بآي الذكر الحكيم وسنة المصطفى الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه.

ظلت مفخرة الشعوب ووسيلة إعجازهم وانبهار القاصي والداني بدقتها وروعتها يشهد الجميع بقوتها بين اللغات فهي المعجزة الجميلة الفريدة تسلق الكثير من اللصوص لسمائها فسقطوا وأبحر الكثير في بحرها فأغرقتهم إعجابا .

سحرت سامعيها وأسقطت معارضيها صرعى حرف صرعى بلاغة صرعى دقة وإعجاب و(إن من البيان لسحرا) ذلك السحر الذي أخذ العقول والألباب لعالم من الآداب العربية والفصاحة اللغوية التي جذبت كل ذي رشد وغالبت كل ذي لسان

وأمام تلك الزوبعة من كمية الحضارات الزائفة أصبحت أُنقب عن هويتي! باحثا عن كيانها.

كأن البعض أصبح خجلا من أن جدته قد هرمت لكنه لم يرفع اللثام عن تلك الجدة لأنها ترتدي خمار الحياء والاكتفاء ولرأى حسنا وجمالا يزداد كلما مرت الأيام.

فتحت ذلك الغطاء فتساقطت العصور الأدبية ذهبا وزمردا وحريرا 

بأبي هي وأمي تلك اللغة النادرة العجيبة ألا يكفي أن جاء بها أفضل كتاب (بلسان عربي مبين)..

فبها عزتنا وبها يعاد للتاريخ مجدا لا ينحني مهما حاول بعض الأحفاد التخلي عنها ولجؤوا للغات الأخرى ومهما ارتقينا بغيرها 

 ستظل الأم هي المسقط هي الأمان هي الحب العظيم

وهي التي ستلم شملنا دوما على راية راسخة وكلام رب عظيم ومنهاج قويم فهل سنتخلى عنها ونستبدلها بلغات مؤقتة؟! صار لها باع؛ لأننا سمحنا بذلك وتنازلنا عن قيم كان الأحرى أن تظل مغروسة تجري في أوردتنا وتصب في عقول واعية راشدة تعي حجم الجرم فتتوب وتؤوب..

قبلة على تلك الهامة والتل العالي قبلة على رأس جدتي هي قبلة حسرة أو ندم هي قبلة اعتذار قبلة حب ووعي قبلة عودة ورشد.

 نعم قد نضجت جدتي وعلمت مدى عظمتك وسأظل أناضل وأسعى لتبقي شامخة لا يخدشك حفيد طائش ولا غريب هارب أو مستجير.

 سأظل ذلك الحفيد الرشيد الواعي البارُّ بك جدتي.

سأظل حارسا لأحرفك أتلو كتاب الله ليلا ونهارا باحثا عن فنونك دارسا حافظا لتراثك.

 دمت لغتي عمرا دهرا من الحب والبقاء.