مشاري الوسمي

بقايا عطر وملامح مشوشة ، أغنية ذات لحنٍ حزين ، طرق باردة خالية ومدينة تشابهَ أهلها .. تلك هي مواطن الحنين التى تمزقني في كل مرة ، أُغمض عيناي محلقًا في سماء الحُبّ الواسعة فيضيق بي الأفق.. اشعر بغصة آلم فأفتح ناظري وأسير مسرع الخُطى وكأنني أهرب منها ..

رحلت بروحي وتركتني ابني لها ومنها برجًا ومنارةً على شواطئ الانتظار فسكنتها وأغلقت أبوابها.. ألقيت بمفاتيحها في وسطِ بحرٍ هائج الأمواج علها تأتي في يوم وتهدم الأبواب.. تبقى بجواري أميرتي ومعشوقتي التى تخاطب القلب قبل العقل فيتوقف معها النبض ، يصبح الكون جميل وفسيح وملئ بألوان السعادة..

انتظر.. فيطول الليل رغم شروق الشمس ، يزداد البرد رغم حرارة البعد ، تمر الأيام كسنينٍ عجاف لا مطر ولا حياة .. يطول خريف العمر ، تذبل الأحلام و تهرم ملامحي ، فيسقط دمعي وكأنه سقيا عذاب تشعل النار لا تطفئها.. تفقد أطرافي إحساسها بوجود الأشياء ، فيصبح غيرها حرام و وجودي من دونها خيبات ورائها خيبات..

أمعقول.. كانت حلمًا راودني في ليلةِ سباتٍ طويلةٍ فاستيقظتُ كافرًا بكل الناس من حولي جاهلًا بهم رافضًا العيش والتعايش مع واقعهم ؟؟!!. أَم كان حزني الطويل على وحدتي التى نهشت أوصالي و جعلتني ممزقًا على عتبة حياةٍ أقسمت أن لا أذوق منها إلا علقمًا يؤلمني ويذيب أحلامي ، غير أسفة على شاب جاءَ مقبلًا على ربيع الدنيا ففوجئ بخريفها المحتضر؟! ..

قد لا يكون هذا أو ذاك ولكنهُ حظٌ عاثر أوقعني في شرك الغرام حتى تمكن مني فأوجعني حد الوجع و حد الانهزام.. في البدايات كنتُ فارسًا بلا جواد لا يملك إلا قلبًا مغوارًا ينبض شهامةً وشرايينه تفيض حنانًا.. ولكن عدت مهزومًا مخذولًا حتى النخاع ..

لن اغلق بابي وأطفئ قناديلي.. لن أدفن قلبي بين أضلعي ، فدومًا هناك أمل وبقايا شمعةٍ قد تنير ظلمة الفؤاد ، فتعود الحياة للأغصان اليابسة و تورق حياتي من جديد ..

دمتم حالمين في زمنٍ جميلٍ يفيضُ حُبٍّ وكرامةٍ ..