بقلم /أمل حسن جلال

هل قرأتم العنوان جيدا أم كنتم مثلي تظنون أنها (قرة عيني)..

كنت مثلكن أظن ذلك فما لبثت طويلا قد أثبتت لي الحياة ببراهين وأدلة واحد تلو الآخر حتى كادت أن تُفقأ عيني فلم أعد أكرر الخطأ.

قال صلى الله عليه وسلم: (حُبب لي من دنياكم ثلاث: الطيب والنساء وجُعلت قرة عيني في الصلاة).
وما سواها قرة لنتيقن ذلك حتى لا نصاب بالخيبة والخذلان ونشكو عدالة الميزان فلا الميزان خرب ولا الناس ترد الإحسان.

لم يعد هناك النخوة والحذاقة والأرب كثيرا كسابق عهدنا فقد تدلت عقودها وسقط من سقط في الماضي وأصبح الحاضر جامدا.

ترى ذلك الأب الذي يكدّ ويندحر ليوفّر العيش الكريم لأبنائه المستهترين الذين أفسدهم الدَّلال وتوفير الكمال فما عرفوا قيمة درهم ولا بنطال فسحقوا كل الصحة والمال..

ثم انظر هناك على مقدمة السلالم تقبع تلك السيدة المسنة تعصب رأسها قد حار أمرها حيث لم تدع عملا حتى جربته ولا بابا إلا طرقته لتوفر لقمة العيش لأبنائها بعد أن توفى الله والدهم أو طلقها زوجها الذي تزوج بأخرى أو أو .. وما أكثر القصص والحكايات..

وما إن اشتد عود ذلك الابن أو البنت أذاقاها صنوف العقوق والإهمال وقام كل منهم بإعانة صديق أو قريب ولم يفكرا يوما بتلك المضحية فلم يطلب منها مخلوق أن تضحي.

كان ينبغي عليها أن تتعلم كيف ترسم خطوطا وتضع حدودا لعلاقتها حتى مع أبنائها ولأنها تعطي بلا حدود ها هي لليوم تتسول وتعد وتشخط على الورق هنا قسط وهنا التزام ناهيك عن الديون التي قصمت سعادتها فباتت كل يوم تفكر كيف ومتى تنقضي ولا زال ذلك الابن يطالب وتلك الفتاة تستهر وكأن من حقهم تلك السيدة وما تملك من مال فلا زالوا ينظرون لها بأنها البئر الخصيب الذي لا ينضب..

جميل أن لديك ملجأ آمنا تتكئ عليه والأجمل أن تشعر بقيمته قبل فقده…
فالقليل لتلك المسنة يسعدها أما فكرت يوما أن ترد إحسانا و(وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان) ألم يكن من المفترض أن تقر عين ذلك الشيخ وتلك العجوز..

والتي كانت تعين قبل أن يطلب أحدهم عونا هي اليوم تلمح ثم تطلب ولا تجد سوى الجحود أصبحت ترى ابنها رجلا عونا لأصدقائه وابنتها تهدي الجميع ونسيت أن تقدم لها وردة كان من المفترض أن تقر عين تلك الأم وذلك الأب بأبنائهما فقرّت عين الغير ولم تقر أعينهما.

وباتت الأم تردد قرة غيري أعطى عشيقته وأسعد رفيقه وأطعم فقيرا وترك بخشيشا هنا وبذر هنا لا بأس سيتفانى ليصبح غيره قرة غيره أيضا.

تفقدوا والديكم وارحموا احتياجهم حتى وإن كان بحرف فجزاءهما عظيم وعطاءهما كان أعظم كونوا قرة عين لا قرة غير وستحرثون البذور بعد أن يسرع الزمن ويدور.