بقلم / نايف الهُذَلي

بدايةً أيّها الكاتب لا بد أن تعلم أنّكَ صاحب رسالة عظيمة فالله الله فيما تكتب.

إن من البديهي لأي إنسان أن تتبادر لذهنهِ فكرة، أو يتخالجهُ شعور ، فأحدهم يدوّن والآخر تعبر من خلاله كلاشيء يُذكر، وفي صدد ما تراه من ازدحام الأقلام وتكدّس الأوراق المتناثرة بالأفكار والمشاعر، إلاّ أن هُناك ما يلتقطكَ من ازدحامك التائه ويسلب منك لبك ويذهب بانتباهك كل مذهب، ذلك الذي لم يتعدَ على حقوق الكَلِم ولم يثرثر من أجلِ الآخرين، إنّه يتناولكَ كأنّه يسير بك، حروفٌ تحدّثك عن ذاتك، وتأخذُكَ إلى مذاهبك التي ضلتَ تائها أيّها أجدرُ بك، لا تمل أن تقرأ ولا تنطفئ جذوةَ الحروف التي لا تستزيد منها إلا وتشعر بالارتواء الذي تحطمتَ من أجلِهِ سنوات وأنت تحاول في إحياء أمسيات ذائقتكَ التي اهترأت من متسولي الكتابة مكرري الفكرة والشعور.

فضلا عن نهمِكِ وأملكِ رغم اليأس الذي يحدق بكِ من الجُمل المنمقة والعبارات المنثورة والنصوص التي وأنتَ تقرأها تشعر بتكلف صاحبها وكأن الصنعة تتراقص أمامك، يطلّ عليكَ ذلك البهيّ، أمين الحرف، رفيع الصرف، ترى بهِ ذلك المنقذ المستبسل، بسهولةِ طبعهِ ورقيق وقعهِ، يداوي ما عبث بهِ كتّاب اللحظة بكلِمٍ جليٍ بديهيٍ خالٍ من شوائبِ الصناعة التّي مزّقت معظم الذوائق العامة.

أيّها الكاتب:

 لأجلكَ أولا لا تتكلف ما ليس لك، ولا تزج بنفسكَ في تحدّي التدوين، عليك أن تكتب إذا دعتكَ نفسكَ لذلك، لا إذا اشتهيت ذلك، وأنتَ من يحدد إبداعكْ، فالكَلِم سهلٌ ممتنع، واعلم أن العقل يفكر، والنفس تتحدث، والخيال يجمح، فوازن بينهم وارتقِ بحرفك، وأنفذ للعالم رسالةً عظيمة تُبقيكَ بعد مُضيّكْ.