بقلم /حياة المالكي

في معترك الحياة نرى كثيرا من النزالات والصراعات حول المعتقدات، فكل واحد منهم يرى أن الحق وكل الحق معه، فيجمع أدلته، و أقاويله الجدلية وبراهينه، ويُنازع بها مخالفيه؛ لِدك حصونهم الفكرية. 

فتحتدم الأدلة، و تبهت البراهين، وتكتنز السرائر بالضغينة، و تتيقظ الفتن من مهجعها.

وقد دفعني “التنازع العقدي الأزلي” أن أكتب هذا المقال، لا أدعي للعلم والمعرفة، فأنا ربما أجهل الناس بهذا،؛ إنما لتوضيح بعض الأشياء التي أعانني الله على الوقف عليها خلال رحلتي في القراءة و البحث:

أولا: إذا أردنا حقًا إظهار الحق، فلا بدّ أن يكون هناك ثوابت يُنطلق منها بين المتعارضين، فلا نقاش مع من لا يؤمن بالإطلاقيات(الأشياء المطلقة).

و إحدى هذه الثوابت: الأحكام العقلية، وهي أحكام ثابتة، ومنطقية، وعقلية، وفلسفية، لا تتغير قواعدها مطلقًا. و مُسلمة عند كُل العقلاء.

ثانيًا: أن ندرك العقائد و الشعائر الدينية مستمدة من المجتمع الذي نشأ فيه الفرد، و اليقين ناتج عن الإطار الفكري و المنظور الاجتماعي، لا عن مكنونه الفطري. 

و يقول ابن خلدون “الإنسان ابنُ عاداته وتقاليده”. فالإطار الفكري الناشئ عن ذات المجتمع سميك لا يمكن تقويضه من خلال الاستدلال بالحُجج و الأدلة، و الفرد مقيد بها من حيث لا يشعر.

ويقول علي الوردي:(أن المتدين بعقيدة من العقائد لا يستطيع، مهما حاول أن يتجرد من عاطفته المذهبية).

ثالثًا: لا نستطيع أن نقنع إنسانا بقوة الحجة والدليل القطعي، ما لمْ يشرح الله صدره للإيمان، فقبل أن تستنزف طاقتك، و تفند أدلتك النقلية والعقلية، تذكر قول الله تعالى:”فَمَن يُرِدِ الله أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ”، الهداية بيده سبحانه وتعالى، لا بالسجال والجدال. 

ودورك “التبليغ، وتذكير” لا الإصلاح و المحاسبة، كما ذكَّرَ الله جل شأنه نبيه محمد صلوات الله عليه:”فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البلاغ”.