بقلم.. الشاعرة والكاتبة أ. نوره الخبراني

سماءٌ بهية، وليلٌ معتمٌ ذا سوادٍ دجية، ونجومٌ براقةٌ عليّة، وأرضٌ ممهودةٌ مرسية، بل وحتى صباحٌ في الأفقِ لاح، كأنهُ سعدٌ جاءَ من بعدِ بليّة..
كلها أمورٌ وظواهرٌ طبيعية، لا نرى لها أيّ أهميّة، أو حتى قد لا يخطر على بالنا أنها نِعمٌ جليّة..
لماذا يا تُرى لا نُفكّرُ مليًّا في كونِ أن كل ما يحدث، لا يحدث إلّا لصالحنا، ربّما حتى تلكَ الأمور الكونية، التي لا شأنَ لنا فيها، ولا شأن لها فينا، تحدث لصالحنا ونحنُ لا نعلم، وكأنّ الكون ييسّرُ نفسهُ من أجلِ ذلكَ المخلوق الضعيف، ألا وهو الإنسان، الذي يتصفُ بالجهلِ والنسيان..
ألا تتخيل بأن تلك السماء التي أشرقت في صباحٍ ما، وحتى قد لا تعلم قبلَ أي شهر، كانت سببًا في إنباتِ قمحِ رغيف الخبز الذي تناولتهُ صباحَ اليوم!

أو حتى ألا تتخيل أنّ تلك الشمس التي تشرقُ صباحًا في كل يومُ لكي تجدد يومكَ وتخبركَ بأنكَ مازلتَ على قيد الحياة لتقول الحمدلله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليهِ النشور!

أو حتى ربما أنتَ لا تتخيل أنّ تلكَ النجمة التي تبرقُ في السماء بلا فائدة في نظرك، هي أحد أسباب اتزان المجرة والكوكب الذي نعيش عليه..

أو حتى ذلك المساء المُعتم الذي سكنتَ فيهِ الى فِراشك ليلًا بعد يومٍ طويل، هو أحد أسباب نومكَ الهنيء واستيقاظك الآن بكامل طاقتك!

أو أنه حتى ذلك المساء الذي قضيتَهُ أنتَ في سريرك، كانَ سببًا في توازن الكون الذي نعيشُ فيه، بل وحتى الأوقات التي نميّزها لنكملَ حياةً طبيعية وكأن شيئًا لم يكُن..

فقط قليلًا من التأمل، سوف نجد أن كل شيء بالحرف الواحد يسيرُ من أجلنا، فكيف بالأمور التي لا ندركُ قادمها، مثل مستقبلنا، الذي نحنُ نسعى خلفَ تحقيق أحلامنا فيه، ونكدّ جاهدين لأن نصل إلى تلكَ الأهداف التي نسعى لها بكل ما أوتينا من قوة..
ونحزن جدًا إذا لم يتحقق أمرٌ سعينا له، ونسينا أن المدبر لتلك الأمور، هو الله سبحانهُ وتعالى، أيخيبُ امرؤ توكّل على الله؟ لا واللهِ ماخاب، ولا دعاه إلا أجاب..
لذلك يجب علينا أن نحمد الله سبحانه وتعالى على كلّ تلكَ النعم التي لا تُعدّ ولا تُحصى، وأن نتوكل عليهِ توكُلًا، لا يخالطهُ شكًّا ولا ريبًا، بل يقينًا ذا مقامٍ جميلًا..