سعيدة المالكي

الجميع دون استثناء ، يُحب لهجته ويعتَزُ بها ،
ويَجِدُ الراحة في اللّقائات التي يتحدثُ فيها لهجته بأريحية ، فهُناك أماكن عامة يضطرُ فيها المتحدث استخدام اللهجة العامية ، تجنُباً لكثرة الإستفهامات عن معاني الكلمات ، وماذا يُقصد بها ، فيضيع الحوار والوقت في موضوعٍ قد لايُحبذ فتحه نهائِياً بل قد لايكون مستعداً للنقاش فيه !
بعد تعمُقي في الكلمات المالكية التي يُتعَمّد استبدلها بالعامية في الأماكن العامة تجنُباً للأسئلة ، وجَدْتُ أن معظمها مُقتبسة من القرآن الكريم ، فتأكدتُ أن اللّهجات مهما اختلفتْ فهي تُعبر عن أصالةٍ وتاريخٍ وعاداتٍ يجبُ أن تكون فخراً لأصحابها ، سأسرِدْ هنا بعض الكلمات في الّلهجة المالكية المقتبسة من القرآن الكريم :
(صَرحْ )
هذه الكلمة تُقال بمعنى (القاع)أو الأرض ، فوجدتها في سورة النمل (قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ )ومعناه في الآية القصر العالي وقيل ساحة القصر .
(قُدّ)
وتُقال بمعنى قُطع بتخفيف القاف ،(ويَقُدْ) بمعنى يقطع ، فوجدتها في سورة يوسف في قوله تعالى: (وَإِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ)وهي بنفس المعنى أي قُطع.
(حرد)
فتُقال في وصف الغاضب مثل: فُلان حرد ، أو فلانه حرده أي غاضبة ، فوجدتها في سورة المرسلات في قولة تعالى:(وَغَدَوْا عَلَىٰ حَرْدٍ قَادِرِينَ) ومعناها على جدٍ و حُنقٍ وغضب .
(غَوِيتْ )
مثل: أنا غويت طريقي أي أخطأت في وجهتي ، أو ظللّت ، فوجدتُها في سورة الحجر في قوله تعالى :(قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) ومعنى أغويتني فالآية الكريمة أظللتني ومعنى ظلَّ الشخص في معجم المعاني : أي زلَّ عن الشّيء ولم يهتدِ إليه ، وانحرف عن الطريق الصحيح.
(فِرّ )
وتُقال مثل: فِرّ يافلان من طريقي ، وبالجمع: فروا، وهي تعني بالمالكي اذهب أو ابتعد وأسرع بالإبتعاد ، ووجدتها في سورة الذاريات في قوله سبحانه وتعالى : (فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ) ، ومعنى فِروا في الآية أي اهربوا واخرجوا .
(كالح)
أي فاتحٌ فمه ، فيُقال: اكلح يافلان أي أفتح فمك، أو اكلحي للمؤنث ، فوجدتها في سورة المؤمنون في قوله تعالى :(وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ) ومعناها في الآية: قُلِّصَتْ شفتاه عن أسنانه .
(يمْحَقْ)
وتُقال مثل : فلان لم يمْحَق في فلان بتخفيف القاف ، أي لم يضُره ولم يؤذيه بشيئ ، أو أنا لم أمتحق في فلان أي لم أضرها ، فوجدتها في سورة آل عمران في قوله تعالى (وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ)
ومعنى يُمحق الكافرين في الآية :أي يهلكهم ويفنيهم.
(فَزِع)
بمعنى خاف وتُقال مثل فَزِع فلان أو فَزِعتُ من الكلب ، وقد وجدتها في سورة ص في قوله تعالى:(إِذْ دَخَلُوا عَلَىٰ دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ ۖ) ومعناها في الآية خاف منهم.
(عَقَر )
وتعني ضَرب مثل : فلان عقَر فلان أو عقرتُ فلاناً ، أي ضربته ، فوجدتها في سورة القمر (فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ ) وعقر تعني في الآية: قُتل ، وفي قاموس المعاني عقره تعني : جرحه.
(تبصّرتُ ) ، (مِبْصَرة )
تبَصّرتُ أي رأيت و نظرتُ وتأملتْ فيُقال : تبَصرتُ في المبْصرة ، فوجدتها في سورة طه في قوله تعالى ( بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ ) ومعناها في الآية: رأيت ، أما (مِبْصَرة) فهي أسمٌ للمرآة وهذا الأسم مُقتبس من التبصرة والإبصار والبصر .
هذا قليلٌ من كثير ، وقد تنتشر هذه الكلمات في غير اللّهجة المالكية، لذلك أدعوا كل محبٍ للهجته وعاداته للتأمُل في كلماته ويرِبطها بكلمات الله سبحانه وبالتأكيد سيجِدُ كلماتٍ مقتبسة من كتاب الله وسيزدادُ حباً وفخراً بلهجته ،
الّلَهُمَ ارْحَمْنَا بِالْقُرْآن، واجْعَلْهُ لَنَا إمَامَاً وَنُوْرَاً، وَهُدَىً ورحمةً .