بقلم /الوليد الشعواني 

منذ إعلان دولة قطر عن إكمال جاهزيتها لتنظيم بطولة كأس العالم 2022، وعيون العالم تراقب وتناظر بدهشة بالعمل الذي أنجزته الدوحة خلال السنوات التي مضت، من إعداد وبناء بنية تحية متقدمة، ومن تصاميم معمارية لملاعبها، التي جذبت عيون العالم وأدخلتها في حيرة التساؤلات، كيف استطاعت دولة كقطر عمل كل تلك التحف والفن المعماري لملاعبها التي نشاهدها اليوم؟ وكم استغرق الوقت لعمل كل هذا؟ كل هذه التساؤلات غير مستغربة عن دولة استطاعت أن تقول للعالم ليس هناك شيء مستحيل لدى العرب. 

نعم، تلك الدولة التي عرفت المجد منذ تأسيسها، وحتى اليوم وهي تقول للعالم: مرحبًا بكم في دوحة الجميع، لترحب بملايين الناس وحول العالم أجمع، ليستمتعوا بمنافسات بطولة كأس العالم، المقامة للمرة الأولى بدولة عربية، والتي تحدثت عنها الجميع عن قدرتها بالتنظيم التي جعلها تبهر العالم بالإنجاز الذي قامت به، كيف لا؟ وهي خلال كل تلك السنوات الماضية قدمت للساحة الرياضة الكثير من المنافسات منها استضافة كأس العالم للأندية و كأس آسيا والعديد من البطولات بالأراضي القطرية فيما كان الأبرز هي استضافتها لبطولة كأس العالم قطر 2022. 

وإذا كان لقطر نجاح فذلك النجاح سيخلد لكل العرب، فبصمة العرب كانت حاضرة منذ بداية المونديال، حيث شاركت في البطولة كلا من المنتخب المضيف المنتخب القطري، والمنتخب السعودي، والمنتخب التونسي، والمنتخب المغربي، لتميثلهم العرب في كأس العالم، والذي يشاهده الكثير من الناس حول العالم. 

ففي البداية كان عنوانها المنتخب سعودي، حيث فرحت الشعوب العربية والإسلامية بالانتصار الذي قام به الصقور الخضر أمام خصمه المنتخب الأرجنتي بثنائية خضراء لتدخل زخات الفرح والابتهاج القلوب مبكرة عن الأداء الذي قام به المنتخب السعودي في أول مهمة في كأس العالم، ثم بعد أبهرنا بالمستوى الذي قدمه أمام المنتخب البولندي لكن الحظ لم يقف مع الأخضر السعودي كما كان في المباراة السابقة مع الأرجنتيني، لينتهي المواجهة لمصلحة البولندي، وبعد ذلك ووصل الأخضر لمحطته الأخيرة أمام المنتخب المكسيكي والذي كان متعجب للأكلات الشعبية السعودية “الكبسة والجريش” حيث تم تحضرها لهم وتناولها قبيل مباراة المنتخب السعودي، لتنتهي المواجهة لمصلحة المكسيكي بثنائية مقابل هدف وحيد للمنتخب السعودي عن طريق اللاعب سالم الدوسري ليحرم المنتخب المكسيكي فرصة التأهل للدور القادم ويخرجان المنتخبين سويًا خارج المونديال.

وسجل المنتخب التونسي، نسور قرطاج، حضوره في البطولة عندما ضرب بطل كأس العالم بالنسخة الماضية، المنتخب الفرنسي، بهدف ذهبي، ولكن ودعت تونس البطولة وهي مرفوعة الرأس، حيث سجلت بصمة عربية في المونديال، ليصبح المنتخب الوحيد الذي استطاع الفوز ضد المنتخب الفرنسي، المنتخب الذي أصبح المتأهل لنهائي كأس العالم قطر 2022، ضد المنتخب الأرجنتيني، الذي أستطاع المنتخب السعودي الإطاحة بالمنتخب الأرجنتيني في أول جولاته بالمونديال.

لكن بعد خروج المنتخبات العربية من البطولة من دور المجموعات، صمد المنتخب المغربي ليحمل راية العرب في الدور القادم بعد أن تصدرت جدول الترتيب، لتفوز على كل من المنتخب البلجيكي بثنائية دون رد، والمنتخب الكندي بهدفين مقابل هدف وحيد، ليتأهل بكل فخر إلى الدور الـ١٦، بكل فخر بوقوف العرب بجانبها عند اصطدمت بالمنتخب الأسباني، ليعود حاملا الانتصار مجددًا عن طريق ركلات الترجيح، لوصل أسود الأطلس لدور ربع النهائي لأول مرة بتاريخه، حيث يصنع للتاريخ اسمه، ليسقط المنتخب البرتغالي أرضًا بفوزه المستحق أمامها بهدف دون رد، ليخرج اللاعب كريستيانو رونالدو ورفاقه بالدموع خارج كأس العالم، وبعد فوز المنتخب المغربي على البرتغالي، تصدرت الوحدة العربية بسعادتها وأفراحها بتأهل المغرب لدور النصف النهائي، لتقابل المنتخب الفرنسي، ويعتبر وصول المنتخب المغرب لهذا الدور إنجاز عربي كبير ومفخرة لكل عربي أصيل.

وبالرغم من أننا خسرنا مواجهة فرنسا لكن كسبنا إظهار أخلاقنا وقيمننا الإسلامية إلى الغرب، وكسبنا نشر ثقافة العرب ومبادئنا الإسلامية لدى البلدان الغربية، كسبنا بتحقيق الألفة والمحبة والقيم والاحترام الكبير للجميع أخواننا العرب وشملتنا جملة ” كلنا أمة واحدة”.

ونجحت قطر بجعل نسخة كأس العالم 2022 أفضل نسخة، حيث نجحت باستدعاء أكبر الدعاة لتقديم محاضرات دينية لجماهير المونديال وتقديم المحاضرات طوال فترات المونديال، لإبراز الهوية العربية والإسلامية، ونشر الإسلام حول العالم، وتمكنت قطر كونها محطة أنظار العالم بإزار الهوية العربية بملاعبها، بتصميم 8 ملاعب مونديالية بارزة شملت إظهار معالم عربية تاريخية، مما يجعل ذلك ظهور عالمي واسع من إرث وتاريخ للتراث العربي.

وفي الختام، تقديم قطر للاستضافة كأس العالم 2022 كانت خيار موفق من قبل الحكومة القطرية، وهذا النجاح ليس نجاح قطر فحسب، بل يعتبر نجاح كل البلدان العربية والإسلامية، فنحن لم نستطع الفوز بالذهب، لكن استطعنا أن نفوز بقيمنا وحسن أخلاقنا وحسن التعامل كما علمنا ديننا الإسلامي الحنيف، ولنشر رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.