فاطمة قاسم المالكي

تبدأ الصحة النفسية للفرد تتشّكل منذ طفولته وأيامه الأولى، وتتأثر مروراً بمراحل العمر المُختلفة، المراهقة ، فالشباب ، ثم الرشد ، فالكهولة.
فالفرد يتعرض خلال تنشئته الإجتماعية، ومُمارساته الحياتية المُختلفة، للعديد من المواقف والعوامل التي تؤثر في حالته النفسية تأثيراً بالغاً.
وتتحدد اتجاهات هذا التأثير نحو السلبية أو الإيجابية حسب كثرة أو قلة تلك العوامل، فنتوقع أن يكون الفرد في حالة نفسية سليمة أو قريبة من السوء النفسي إذا كانت العوامل الإيجابية أكثر، وإن كانت العوامل السلبية أكثر فالتوقع سيكون عكسياً.
والفرد الذي يحظى في طفولته وفي تنشئته في المراحل الأولى من حياته بعوامل إيجابية كثيرة سيعيش بلا شك في حالة نفسية سليمة، وتقل فرصة تعرضه للمشكلات والإضطرابات النفسية، بل ويتعامل مع مُختلف الضغوط الحياتية تعاملاً واعياً.
ومن أهم تلك العوامل التي يجب على الوالدين والمربين الحرص عليها منذ المراحل الأولى للطفل:
الإتجاهات الوالدية الموجبة نحو الطفل منذ ولادته، والتماسك الأسري ، والإستقرار الإنفعالي داخل الأسرة، وإشباع حاجات الطفل بالحب والأمن والقبول، ومنحه الثقة وتعويده على التسامح مع الآخرين فيتقبلهم ويتقبلونه، كذلك العلاقات الإيجابية داخل الأسرة بين أفرادها وخاصة بين الأخوة والمشبعة بالتعاون والحب، وتدريب الطفل على الإعتماد على النفس وتحمل المسؤولية، واحترام قدراته وإمكانياته وطريقة تفكيره، وتعزيز الإيجابي منها بشكل دائم لتنميتها، والإمتناع التام عن السخرية بالطفل ومقارنته بغيره أو نقده وتوبيخه أمام الآخرين، ومنحه فرصاً للتعبير عن نفسه مع الإنصات له والحوار معه بهدوء وحكمة..

وفي مقابل هذه العوامل الإيجابية عوامل أخرى سلبية وجودها في حياة الطفل مسؤول عن تدهور صحته النفسية على المدى القريب والبعيد، وقد يجعل منه شخصاً غير سوي معادياً للمجتمع.. منها:
التفكك الأسري والشجار الدائم بين الزوجين، وإنعدام الضبط الإنفعالي داخل الأسرة، وشيوع الغيرة والأنانية بين الأبناء والأقران، والتفرقة بين الأبناء في المعاملة، وتعرض الطفل للإهمال أو الرفض أو نقص الرعاية مما يؤدي إلى شعوره بعدم الأمن والسلبية والتمرد والعدوان.
كذلك التدليل والحماية الزائدة للطفل، تؤدي إلى قصور ونقص في النمو النفسي، وعدم القدرة على تحمل المسؤولية ومواجهة الواقع.
والتسلط والقسوة في التعامل مع الطفل ورفع الصوت عليه بشكل دائم، و المغالات في الطموح بما لا يتناسب مع إمكاناته وقدراته، مما يشعره بالإنهزامية وعدم الثقة بالنفس، وقد تصل للإنسحابية والعُزلة.

كل هذه العوامل مسؤولة بشكل مباشر أو غير مباشر عن الصحة النفسية السوية واللاسوية للفرد في مُختلف مراحل حياته.. لذا كان لزاماً على الأبوين أن يولوها اهتماماً واسعاً ليساهموا في تكوين أفراد أسوياء أصحاء للمجتمع.

بقلم ✍🏻/فاطمة قاسم المالكي