أمل سليمان

الصباح الذي افتقده صباحك أنتي
لم أكن أضع صوت المُنبه لأذان الفجر لأنني اعتدت على دفء منبه صوتك وأنتي تنادين أمل …أمل …أمل… صلاه حبيبتي.
قومي ربي يبارك فيك
بينما أتململ قليلاً بدلع البنات الذين لا يشبعّن من حنان الأمهات وعطفهم
منتضرة عبارتك الأخرى أصحي يابنتي واطردي الشيطان لصلاة الفجر عشان ربي يوفقك يابعد عمري
بينما تجلسين رويداً بجانب رأسي كعادتك تمررين يدك بعطف وهدوء على جسدي إمعاناً ببدء جولتك الثالثة والأخيرة .
حينها أعلن استسلامي في جولة انتشال بطانيتي بيديك كضربة قاضية تستخدميها مع مساعدتي للنهوض.

ترددين حياتي وأنا بذلك الدلع البطيء قدصحوت فألمح سعادتك كما لم أرك بهذه السعادة من قبل
فتأخذك الفرحه كأم
وأتضايق كأبنة لم تدرك مدى شعور الأمومة وعظمة الحب الذي يتدفق كالسيل وسيلان دعواتك لها بالسعادة والنجاح والطمأنينة
تلك السعادة التي تجلبينها كل صباح على قلبي بالصلاة تجعلني برؤيتك أسعد بنت على وجه الكون.
هذه التفاصيل ياأمي أشتاق لها كثيراً وأنتي تحت التراب
إنني أشتاق إليك كشوق المؤمن للجنة والمسلم للشهادة.
آه كم كنتي تنيرين حياتي منذ بزوغ الفجر لأكون بحفظ الله للمساء بنور لا يعلوه نور.
بينما كنت البنت التي لم تعي نورك إلا بعد انطفائه.
ثمه أمر ما وأنا أكتب إليك الآن ياأمي
شعرت بتنهيدة كبيرة تمنيت زفيرها بين أحضانك لأستنشق حنانك الغائب

آه ..يا أمي ماأقسى الإحتياج لشخص لن يعود.
إنني أحتاجك كل يوم وساعة
فالطيبة والحنان الذي عشته بقربك جعلاني أقول أنهما وُلدا ليموتا معك بعدموتك
حتى أنك لم تدعي لي مجالاً أتناساك به لأعيش كأنثى بقية خيوط الحياة
فقد جعلتيني مكتفية بوجودك ورحيلك عن كل الحياة
تقمصتي كل الأدوار كصديقة وحبيبة وأم
وبعثرتي أنواع السعادة إلى قلبي المملوء بحبك
فخُيل لي أن الزواج تعاسة لكل النساء الذين يبحثون عن السعادة بوجود أمهاتهم .
ولو وجدو أم مثلك لعاش رجال العالم عازبون بلا زوجات .
لأنهم سيكتفون من نبعك كاكتفائي أنا بك .
أعلم أنني أتعبتك بصغري وحملتك همومي وأحزاني
بينما كنتي تعطيني الأمل في اليأس ثم تسندين لي صدرك الذي أتوسده وانا أحكي لكِ تفاصيل اليوم.
لم أشعر يوماً أنك قاطعتني أو ذهب سمعك عني
فالأطفال غالباً يتفنون بسرد الحكايات المملة بطفولتهم بينما كنتي تستمعين لطفلتك أمل بحب وشغف
وحين تصمتين أظن بأنكي قد نمتي فأعيد يدي للخلف أفتش وجهك حتى ألامسه فتضحكين وتقولي أكملي أنا معك ثم تشاركيني الحكايات المملة كلاماً بين الحينة والأخرى
لتُشعري ابنتك أنك معها

فما أعظمك أمي .
وماأقسى الموت حين أخذك عني هناك حيث ألا عوده.
لو كنتي تفدين منه لفتديتك بمهجتي لكنها أقدار الله التي لا يعترض عليها بشر .
إن موتك بالنسبة لي موت على قيدالحياة.

أماااه. …
…أقبليني. ..أعذريني. ..صارحيني… عاقبيني …عاتبيني. ..علميني. …
لكن منكِ لا تحرميني
إليك سوف أكتب كل يوم أمي فربما يهدأ هذا البركان المحمل بالحنين والشوق إليك.
إنهما يعصراني الآن لعناق أبدي أرثيك فيه
لأشتم من خلال رائحتك عبق الدنيا وجنتها

آه ياأمي لم تتبقى لي جنة هنا
لم يعد لي سوى جزء من مبخرتك وبقايا عطرك الذي أشتمه كلما دخلت غرفتك.
حتى سجادتك لا يقل حنينها إليك مني فهي الأخرى افتقدت جلوسك عليها بالذكر والصلاة والتسبيح
أرجو الله ياأمي أن يُسكنك جنان خُلده
وأن يجمعني بك تحت مستقر رحمته.

لم تعد بقلبي حياة أجمل من حياتك
وماسيأتي لن يكون أجمل مما مضى.

ابنتك الكاتبة /أمل سليمان