مشاعل آل عايش

في لحظةٍ اختنق فيها الصدر بما فيه،وقرحت العين من وبل الدموع،كل الأبواب موصدة،وأقدامه تهالكت من البحث المضني عن استرجاع ما ضاع من حقوقه،…واولئك المتمردون يجلسون في لحظة فرح وانتشاء بما حققوه،تزيين العمل بلاء أصيبت به البشرية في كل مراحل حياتها.
يتفانون في العمل،والتنظيم والتنظير، ولكن هناك ملف به بعض الحقوق التي صودرت من أصحابها في وضح النهار،..لابأس لن تؤثر على مسيرة عطاءهم ،ولن تعيق هوس بقاءهم في أماكنهم،أصحاب هذه الحقوق في نظرهم أُناس مرجفون في المدينة لا يلتفت لهم.
مرت الأيام بين زهو وإنجازات وإشادات …..وفجأة كانت رحلة المغادرة للمنصب والوظيفة،لابد من حقيقة أليمة وهي استقبال انتكاسات آخر العمر هذا إن لم تكن المنية على الأبواب،….من حكم الله لاصفاء يدوم،ولا حال يدوم،والحكمة الأعظم(أن الله يمهل ولا يهمل) الآن تبدأ رحلة تصفية الحسابات، ليس تكهنا من كاتبة هذا المقال ولكن إيمانا بنصوص الوحي التي سرت بردا ويقينا إلى قلب كل مظلوم أن للظالم يوما لا محالة.
هذه التصفية اذهبت اسمك من وسط الناس فلم يعد يحفل بك حتى أقرب من صافاك الود حال عزك، هذه التصفية سلبت عافيتك من بين جنبيك فالمرض بدأ يستولي عليك عضوا عضوا،ربما لايكون كفارة لتطمئن نفسك…لعله انتقام معجل من الله والموعد عرصات القيامة.
أبناءك،..أحب الناس إليك قد ينتزعون من بين يديك وأنت أشد حبا لهم،وتمسكا بهم،ومجاهدة عنهم….لأنك في لحظة من لحظات عمرك السابق انتزعت من الآخرين ما كان حقا لهم عنوة وتجبر.
وكذلك القدر يبدع في تصفية الحسابات.
ربما تستمر حالة السلام مخيمة على دنياك مع أن بقاء الحال من المحال،ولكن ساعات الإحتضار قد تكون هي ساحة العدالة،وتنفيذ القصاص.في لحظة انقطاع وعجز وضعف وقلة حيلة ،،،ما أشبهها بذلك المشهد الذي صنعته فيمن تلذذت بهم بمثل ذلك في حال قوتك وسطوتك، سيف الحق إذا أُصلت قطع دون رحمة.
ويكتمل المشهد حين تشرئب الأعناق، وتحدق الأنظار(وجاء ربك والملك صفا صفا)نصبت الموازين،وأحضرت سجلات الأداء،وسيتم تقييم المؤشر بأشخاصه،هي لحظة نسيتها في حال زهوك وفرحك الجبروتي،ولكن هي لحظة ادخرت لها كل الحجج والإدلة للإدانة، شتان بين موقف المتهم والمطالب بالعدالة في ذلك الموقف.
صمت لسانك ذلك الذي أجرى الأوامر بتغييب الحقيقة،اليوم ينطق القلب بما نوى،والعقل بما فكر، واليد بما حررت،والنفس بما فرحت من سلب الحقوق،غاب ميزان العدالة الذي نصبته لنفسك في الدنيا،وحضر ميزان الحق(اليوم توفى كل نفس بما عملت).
قد تنتزع من الآخرين ابتسامتهم،وتغتال فرحهم،وتجري العبرات من مآقيهم، ولكن من العسير جدا أن تنتزع اليقين بنصر الله، ان تطمس انتظار الفرج، أن تغير سُنن الله في التدبير والتقدير.
تلك العجوز التي بنت كوخا إلى جانب قصر غني ثم ذهبت لكسب رزقها وعادت في المساء لتجده قد هدمه الغني لأنه شوه جوار قصره،لم تملك سوى نظرة للسماء قالت معها(رب إن غبت أنا فأين أنت؟!)وإذا بقصر الغني كومة رمل أمام عينيها.
لحظة اليقين الصادق تطيح بموجة التسلط في لحظات،ودعوات الخلوات تصيب أهل الظلمات،والثقة بوعد الله تجعل الحياة مستطابة رغم التحديات.
والله أني أشفق على كل ظالم من عاقبة ظلمه،ويحك يا ابن آدام أفق قبل أن تكون الحسرات هي حيلتك،فحقوق العباد لها قضاء عدل يذهب لذة ما أنت فيه.

كتبته/مشاعل آل عايش.