علي احمد معشي

في حالة من الذهول وأنا أسير بمركبتي في طرقات مدينتي الصغيرة تغيرت علي كل الملامح المألوفة على جنبات الطريق فالمحلات التجارية أغلبها موصدة الأبواب مطفية الأنوار المتسوقون على قلة أعدادهم يرتدون القفازات والكمامات كما الباعة يناولون البضائع بحذر شديد ، الحدائق فارغة من المتنزهين إلا النزر اليسير ، المركبات تخلت عن الزحام وافتقدتها الشوارع، الاشارات الضوئية تتساءل أين العربات المتكدسة ، الشواطئ ساكنة لا حراك بها خاوية بلا عشاق ولا رواد ، الأصدقاء لا يتصافحون والجيران لا يتزاورون ، تحولت المدينة الحالمة إلى مدينة أشباح بين ليلة وضحاها،
الإذاعات والهواتف تبث مزيداً من الخوف وترسل حزماً من الرعب ، تحمل سماً زعافاً يهدد حياة السكان ويقلق منامهم وراحتهم ، المساجد هي آخر ما كان يتوقعه الناس أن تغلق أبوابها أمامهم لكنها فعلت ولم يبق منها غير صوت الأذان الحزين المختوم بصلوا في رحالكم .
أسئلة متراكمة بين الشفاه مرسومة على العيون ..!
تتساءل ماذا حدث ؟ ، كيف حدث كل شيء بهذه السرعة؟ كيف تدهورت الأمور؟ حتى نزعت من متعة الحياة وتفاصيل الفرح والمرح حتى تخلينا عن الكماليات وعدنا نبحث فقط عن السلامة من المرض والعافية من البلاء ، كيف أصبحت أساسيات حياتنا من الماضي ؟ وكيف سلبنا أموراً ما كان يخطر ببال أحدنا أن تتغير أو تتبدل ؟ لكنها تغيرت وتبدلت في طرفة عين ، ترى ماذا حدث؟ وكيف حدث ؟.
بعد تمعن وتفكر قالت الحقيقة : أن الكون ملك لله الواحد القهار يتصرف فيه كيف يشاء وأن أمره بين الكاف والنون اذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون ، ولعله تبارك وتعالى أراد أن يوقظ قلوبنا من سبات الحياة الدنيا الذي ران على القلوب وطغى على العقول حتى ظنت أنها خالدة في النعيم ليقول لها انتبهي فإن الملك لله وهو الذي يقدر كل صغير وكبير يحدث فيه ، وأما البشر فهم عاجزون رغم كل ما توصلوا اليه من العلم والمعرفة والتقنية فما أوتوا من العلم إلا قليلا .
عدت إلى منزلي وأنا احمد الله على نعمه العظيمه وآلائه الجسيمة فيما مضى وفيما هو قائم وما هو قادم فالحمد لله حتى يرضى والحمد لله بعد الرضى .
عدت وكلي يقين بقرب الفرج وبسعة بوابة الأمل لأن ربي رحيم بعباده لطيف بخلقه لا يشق عليهم ولا يضرهم إنما هي عبر ودروس تصحح المسار وتعيد الأمور إلى نصابها .
اللهم ردنا اليك رداً جميلاً وارفع البلاء عن العالمين يارب العالمين.