مشاري الوسمي

في حضرة الصمت، تلملم العقول شتاتها، تبدأ بالتركيز على أبجديات الحياة التي فُقدت في الزحام والضوضاء وعالم المعلومات المتسارع .

من يصدق أن مكوثنا في منازلنا جعلنا نعيد ترتيب أولوياتنا، فلم يعد كوب القهوة أمرًا حتميًا لبداية يومٍ شاقٍ وسريع، فقد أصبحنا أثقل حركة، وأكثر إلتزامًا بقواعد العائلة المهمشة في الماضي. أصبحنا أطول صبرًا، بدأت الوجوه تتمحص لإيجاد التفاصيل المتشابهة والمختلفة، كأننا أعضاءً جدد أنضمت للعائلة، نلتفت لألوان الجدران وتنسيق المقاعد، حتى حجم التلفاز ومدى جودته، تلك الأمور التي اعتدنا أن نراها دون تفاصيل أو تدقيق، ميزنا نبرات أصواتنا و تحسسنا ملامحنا .

كانت عجلة الحياة متسارعة، أخذت في طياتها العديد من مشاعرنا الدافئة وتقاربنا الحميم. هاهي سنة الله تعيد الأمور إلى نصابها حتى ولو لمدة قصيرة. خوفنا على بعضنا و ترقبنا لأخبار الناس حول أصقاع الأرض، يجعل منا خلفاء لله في أرضه.. لم تمت الإنسانية ولا الرحمة، رغم إختلاف الألوان، المذاهب و الجنسيات، تبقى البشرية هي الكنز الحقيقي لهذه الأرض رغم إخفاقاتها وحماقاتها، إلا إنه لا حياة بدونها ولا نماء .

حفظ الله الجميع من كل مكروه ولا أسكت لنا حسًا.
فالشمس والقمر والأرض وجميع مافي الكون هي مخلوقات سخرها الله لنا لنبقى.. وسنبقى، سنقاتل و ننتصر، نتحد جميعًا حتى وإن كثرت خسائرنا، غدًا تشرق شمس الحياة وتقتل بأشعتها بذور الظلام و تختفي ظلال الموت .

دمتم بخير ، وابقوا في منازلكم بإذن الله سالمين آمنين .