"الدرقية" أكبر الغدد الصماء وكنترول الجسم البشري يغفل عنها الكثير

فاطمة عقيلي

تُعدّ الغدة الدرقية واحدة من أهم الغدد الصماء في الجسم؛ وهي جزء أساسي في التركيب البشري وجدت للقيام بوظائف هامة لجميع أجهزة الجسم ، وأي اختلال فيها تختل باقي الأعضاء ، معنا في هذا الحوار للتعرف على أهميتها و الأمراض التي تصيبها والحالات التي تستدعي لاستئصالها،الدكتور حمدي عبد العليم فرج حسن ، استشاري الجراحة العامة ورئيس قسم الجراحة بمستشفى الحياة الوطني بجازان، أستاذ مساعد الجراحة بكليه طب الأزهر الشريف ،حاصل على ماجستير الجراحة العامة والمناظير والدكتوراه في الجراحة العامة وجراحة الأورام والغدد الصماء تخصص دقيق استشاري أول في جراحة مناظير البطن والحوض عضو جمعية الجراحين المصرية.

س١: دكتور حدثنا عن الغدة الدرقية ووظيفتها وأهميتها للجسم، وهرموناتها ، ولماذا سميت بالغدد الصماء ؟

ج/ الغدة الدرقية هي أكبر الغدد الصمّاء الموجودة في الجسم، وتقع في مقدمة الرقبة تحت تفاحة آدم مباشرةً، تتكون هذه الغدّة من فصّين؛ فصّ يمينيّ وفصّ يساري ، ويتصلّان معًا عبر جسرٍ صغيرٍ يُدعى البَرزَخ.

 هرمونات الغدة الدرقية الرئيسية هي الثيروكسين T4، و ثلاثي يودوثيرونين T3، وتقوم بطرحهما في مجرى الدم مباشرةً ولذلك سميت بالصماء لأن ليس لها قنوات فهي تصب افرازاتها في الدم مباشرة عن طريق خلايا دموية على عكس الغدة اللعابية المتواجدة في فم الإنسان لها قناة تصب افرازتها عن طريقها، أما هرمون TSH فهو الهرمون المنبه للغدة الدرقية، يتم إفرازه من الجزء الأمامي من الغدة النخامية بناءً على أوامر من الهرمون المطلق للغدة الدرقية، 

وظيفة الغدة الدرقية الرئيسية : التمثيل الغذائي ونشاط الجسم وحيوته ،حيث تعمل على تنظيم عمليات الأيض في الجسم كله فهي المتحكمة في جميع أجهزة الجسم البشري ، بمعنى هي “الكونترول” بداية بالمخ فإذا حدث خلل فيها يتأثر الجسم بأكمله.

س٢: دكتور بعد هذا التفصيل للغدة الدرقية وأهميتها ، ماهي الأمراض الشائعة التي تصيبها وتؤثر على هرموناتها ؟ 

ج: مرضين شائعين إما كسل الغدة الدرقية أو زيادة نشاطها وهناك الأمراض الالتهابية والوراثية كداء “هاشيموتو” الذي يكسر خلاياها ويسبب قصورها وكذلك داء “غريفز” الذي يصاحبه فرط النشاط وهناك الأورام سواء الحميدة أو الخبيثة، والدراق” التضخم” وكذلك العقيدات الدرقية .

س٣: متى يلجأ الجراح لاستئصال الغدة الدرقية ويعوض المريض بالهرمون الخارجي ؟

ج:

أولاً : زيادة نشاط الغدة الدرقية : 

 – زيادة نشاط الغدة الدرقية غير مصاحب بالعقد تضخم فقط مع زيادة النشاط يعطى للمريض فرصة علاج سنتين لو ما أستجاب للعلاج أو ملّ المريض من كثر العلاج لأنه يأخذ كمية كبيرة من الداوء المثبط لهرمون الغدة الدرقية ” كاربيمازول” ، نضطر لتجهيزه للعملية. 

– زيادة نشاط الغدة الدرقية الثانوي عندما يكون فيها عقد وتحولت لنشاط نستئصل الغدة الدرقية.

ثانيا- الأورام سواء الحميدة أو الخبيثة : 

– أورام حميدة : بعد الأبحاث والفحوصات نتأكد أنها ليست خبيثة نستئصل فيها الغدة الدرقية على سبيل المثال العقد سواء كانت عقيدة وحيدة أو متعددة نستئصل الغدة فيها بعد التأكد أنها ليست خبيثة سواء كان بالأشعة المقطعية أو بالخزعة. 

– الأورام الخبيثة هذه من الدواعي الكبيرة للجراحة ، في أورام استئصال الغدة الدرقية لا غير ،وفي منها ما يضطر الجراح للاستئصال الكامل مع الغدد اللمفاوية الموجودة في الرقبة.

س٤: دكتور ذكرت أن الجراح يلجأ للجراحة في حالة العقد سواء كانت حميدة أو خبيثة ،فلماذا يتم الجراحة في حالة العقد الحميدة ؟؟

ج : العقد الموجودة في الغدة الدرقية إما تكون وحيدة أو كثيرة في الفص الأيمن و الفص الأيسر، مشكلتهم الرئيسيتين إما أن تُقلب لغدد تسممية أو أورام خبيثة، لكن متى يحدث أو التوقعات المستقبلية متى تحدث الله يعلم بها؛ فالذلك لا ننصح أن نترك المريض للظروف.  

 

س٥: هل ظهور عقدة في إحدى الفصوص مؤشر لظهور عقد أخرى متعددة ،مضاعفاتها باختصار ؟ 

ج: عندما تكون عقده وحيدة تكون أخطر من العقد المتعددة فعقدة وحيدة لا غير تكون غدة أقرب للخبيثة؛ فالبتالي نعتني بها أكثر ونستئصلها بسرعة أكثر مما لو كانت هناك عقد متعددة في فصين الغدة ، وهذه العقد إن ظهرت استحالة تتقلص أو تختفي مع الوقت ومضاعفاتها مستقبلاً مثلما نوهت سابقاً، إما تقلب غدة تسممية أو لأورام خبيثة. 

س6:هل العقد المصاحبة لزيادة نشاط أو قلة في نشاط الغدة أو تكون افرازات الغدة طبيعية تحتاج أيضاً لجراحة ؟ وهل لها حجم وشكل محدد حتى الجراح يقرر العملية الجراحية ؟ 

ج: طبعاً تحتاج الجراحة في جميع الحالات ، ولا يوجد شيء اسمه شكل محدد الذي يحدد هو هرمونات الغدة الدرقية والخزعة لو شكينا في أورام خبيثة نتأكد فقط ؛ لأننا قد نلجأ للقيام بشيء اضافي مع استئصال الغدة الدرقية وهو استئصال الغدد اللمفاوية الموجودة بالرقبة.

س7: أنت كجراح كيف ترد على أن العقد الحميدة لا يمكن تحولها لأورام أبداً، وإذا حدث شيء مستقبلاً تكون أورام نشأت وليست العقد التي تحولت لأورام ؟ 

ج: ليس هناك ما يثبت ذلك في الطب أبداً ، فالكلام الذي مثبت في الكتب الطبية منذ عقود زمنية عقد في الغدة الدرقية إما تقلب لتسممية أو أورام خبيثة،لكن متى يحدث ذلك الله يعلم قد تحدث وقد لاتحدت وهذه من المضاعفات التي نحرص أن نجنب المريض حدوثها. 

س8: في حاله المريض هرموناته طبيعية، ولديه مشاكل أخرى كالعقيدات التي نوهت عنها سابقاً باستفاضة، ما الذي يحدد قرارك للعملية هنا، تتركه لأن هرموناته سليمة أم تنظر للعقيدات ومضاعفاتها المستقبلية ؟

ج: آخذ في الاعتبار للمقام الأول للعقيدات فالمريض عندما أقوم بعمل استئصال للغدة الدرقية وأجنبه المضاعفات أفضل له بكثير مما لو تحولت تلك العقد لأورام خبيثة ، فإن يكمل باقي حياته على الهرمون البديل أسهل ، وماعليه فقط الا المتابعة الدورية للتحاليل لتضبيط الجرعة ويعيش حياته بشكل طبيعي. 

س9:إذا اثبتت الخزعة أن العقدة حميدة، قرارك النهائي المتابعة أم العملية ؟ 

ج: العملية الجراحية ولكن هنا تعتمد على أن نستئصل فص واحد من الغدة الدرقية ولا لنا علاقة بالغدد اللمفاوية، عكس الخبيثة استئصال للغدة الدرقية مع الغدد اللمفاوية المجاورة لها وهذه فقط فائدة الخزعة، لكن كحميدة أو خبيثة كلاهما عملية جراحية . 

س10 : دكتور بناء على الإجابة السابقة، في حالة استئصال الجزء المتضرر والجزء الآخر سليم هل تفضل الاستئصال الجزئي أم الكلي ، ولماذا ؟ 

ج/ الاستئصال الكامل للغدة الدرقية أضمن لأن مثلما حدث مشكلة في الفص اليمين ممكن تحدث نفس المشكلة في الفص الأيسر ،ويضطر الجراح القيام بعملية أخرى فتكون أصعب لأن التركيب التشريحي تغير لأن في يد جراح آخر وضعت فيها، واحتمالية إصابة العصب الحنجري عالية جداً فالقرارات الطبية الحديثة تؤيد الاستئصال الكامل حتى لا يتعرض المريض للعملية مرة أخرى. 

س11: ما الذي يأخذه في الاعتبار الجراح في المرتبة الأولى للعملية، العقد أم التضخم ، أم الأورام أم الكسل أم زيادة النشاط ؟ 

ج: آخذ قرار العملية بناء على العقد والأورام ، لكن التضخم والنشاط والكسل غير المصاحب للعقد تدخل دوائي لا غير ومتابعة. 

س12: هل الطب يأخذ بالاحتمالات والتوقعات في مسألة العقد وتحولها لأورام ،أم هي دراسات أثبتت واقعيتها طوال مسيرتك العملية في جراحات الغدد الصماء ؟

ج: دراسات طبية مؤكدة أثبتت واقعيتها تحدث ونشاهدها مع حالات كثيرة جداً فعندما نقول احتمال حدوثها كلمة ” احتمال” نشير بها للمضاعفات أساساً. 

س13: أيضا ذكرت أن من حالات الاستئصال التضخم ، ما أنواع التضخم الذي يحتاج للجراحة ؟

ج: التضخم العقدي، وتضخم مرض “غريفز” الذي يصاحبه تسمم. 

س14: دكتور حدثنا عن حالات التضخم التي تصيب الغدة ولا تعود لوضعها الطبيعي ويحتاج لجراحة، والتضخم الذي يحتاج لمتابعة وتعود بعد فترة لوضعها الطبيعي ؟ 

ج: التضخم الحميد الناتج عن نقص اليود في الطعام يأتي في سن ١٦-١٥ سنة في الإناث بالذات ، وفي الحوامل تتضخم فقط الغدة وتكون سليمة من أي عقد هذه الحالات نعوضهم فترة مؤقتة بالهرمون الخارجي البديل “ليفوثيروكسين” ،حتى تعود الغدة لحجمها الطبيعي، لكن التضخم الذي يصاحب العقد هذا لابد من الجراحة. 

  

س15: دكتور متى يحتاج المريض للهرمون التعويضي مدى الحياة وما الحالات التي لا يحتاج للهرمون مدى الحياة ؟

ج:

– استئصال الغده الدرقية سواء الجزئي أو الكلي لابد أخذ العلاج مدى الحياة الفرق هنا اختلاف الجرعات ففي الجزئي تكون الجرعة بسيطة فكثير هناك يقول لا يحتاج لأخذ جرعة ولكن الصح لابد أن يكمل على الهرمون البديل لأن خاصية الهرمون البديل هنا يعمل على تثبيط الغدة السليمة ولا يحدث فيها مثل ما حدث في الجزء المستأصل المتضرر. 

– أيضا التهاب الغدة الدرقية المزمن “الهاشيموتو ” يحتاج المريض ليفوثيروكسين مدى الحياة ، لأنه يكسر خلايا الغدة ويضعف هرموناتها وقد يتلفها. 

– لكن حالات نقص اليود لا تحتاج ليفوثيروكسين مدى الحياة فترة مؤقتة لا غير حتى تعود لنشاطها الطبيعي وهذه في حالات ذكرتها سابقاً. 

 

س16: هل هناك علاقة بين مقاومة الأنسولين والغدة الدرقية ؟ 

ج: الغدة الدرقية تؤثر على جميع أجهزة الجسم بما فيها البنكرياس فهناك علاقة وطيدة ما بين السكر والغدة الدرقية فعندما تكون هرمونات الغدة الدرقية زائدة يكون التمثيل الغذائي عالٍ فنجد السكر يعلو والعكس بالعكس، سواء كانت الهرمونات التي تفرزها الغدة الدرقية مباشرة أو زيادة في أخذ جرعات الهرمون البديل “ليفوثيروكسين”

س17: كثير من المرضى قد لا يتهيأون نفسياً للجراحة ويتذكرون بأنهم سيكونون رهن هرمون خارجي مدى الحياة ، ماذا تنصحهم من حسب منظورك العلمي والحالات التي مرت عليك ؟

ج: لو الحالة تحتاج لجراحة لا ينتظرون أبداً وأن يعوض المريض بالهرمون البديل أأمن له من حدوث مضاعفات مستقبلية ،” ليفوثيروكسين “ما هو إلا هرمون تعويضي نفس الهرمون الأصلي الذي تفرزه الغدة الدرقية يؤخذ صباحاً على معدة فارغة قبل الإفطار بنصف ساعة أو ساعة على الأقل وفي متناول الجميع فلا داعي للقلق أبداً وتستمر الحياة.  

س18:حدثنا عن داء “هاشيموتو” بما أنه أكثر أمراض الغدة الدرقية انتشاراً ؟

ج:”الهاشيموتو” هو مرض مناعي ذاتي معروف باسم التهاب الغدة الدرقية المزمن ،ينتج فيه الجهاز المناعي أجسامًا مضادة تتلف خلايا الغدة الدرقية وتكسرها، لا يعرف الأطباء أسباب واضحة لمهاجمة جهازك المناعي للغدة الدرقية ، قد تحدد مجموعة من العوامل بما في ذلك: الوراثة، ونوع الجنس ، والعمر، احتمالية الإصابة بالمرض، أعراضه تبدأ من البسيطة إلا أنها تتطور مع الوقت للخطيرة .

———————– 

س19: ماهي الأعراض للهشموتو ؟ 

ج: الأعراض كثيرة مثل : 

– زيادة الوزن غير المبرر.

– إرهاق وخمول والشعور بالبرد.

– تورم الساقين وانتفاخ الوجه.

– إمساك.

– نزيف أثناء الدورة الشهرية.

– ضعف الذاكرة و النسيان.

-ضعف في العضلات وألم في المفاصل. 

س١٩: إذا كان الشخص مصاب بداء “هاشيموتو” ولم يشخص المرض في وقتٍ مبكر ، ماهي المضاعفات؟

بدءاً بالأعراض البسيطة التي ذكرتها ، هناك مضاعفات كثيرة وخطيرة ، منها: 

– بطأ ضربات القلب ، والتأثير على كفاءة عضلة القلب. 

-ارتفاع مستوى الكوليسترول. 

-اضطراب الوعي والغيبوبة إذا ترك على المدى الطويل دون علاج .

س20: ما هو الإجراء الطبي مع داء هاشيموتو بما أنه يكسر خلايا الغدة ويسبب قصورها ويتلفها ؟ 

ج: كسل الغدة الناتج عن هذا الداء الوراثي المزمن غير مصاحب بالعقد ، كاهاشيموتو فقط ليس له حل سواء التعويض بالهرمون البديل مدى الحياة والمتابعة الدورية، وليس من صالح المريض أن يوقف الدواء ، لأن الغدة لا تعود لوضعها أبداً مع هذا الالتهاب المزمن ، وفي حالة صاحبه عقد الجراحة.

س21: دكتور حمدي سعدنا بلقائك ومحاورتك في موضوع يغفل عنه الكثير ويحتاج

للتوعية ،رسالة أخيرة توجهها للقراء ؟ 

ج:جميع أعراض اختلالات الجسم البشري قد تكون الغدة وراءها فنصيحتي قبل أن نبدأ بعلاج الحالة نبحث عن المسبب الأساسي لذلك ، مثلا قبل أن نبدأ بأدوية الكولسترول وقبل أن نعالج الإمساك المزمن عند المريض وفقر الدم غير المبرر وقبل أن نرهق المريض بأدوية الآم المفاصل والعضلات، نفحص وظائف هرمونات الغدة الدرقية ونعالجها، فأتمنى تعميم فحص الغدة الدرقية حتى في العيادات العامة ضمن التحاليل الأساسية ، وكذلك لا داعي للقلق أبداً أو التخوف من الجراحة إذا كان المريض بحاجتها، في النهاية الجراح المتمرس في جراحات الغدد الصماء يكون دقيق وأكثر حرصاً على المريض أثناء العملية، وماهي إلا روح وضعت أمانة تحت يد الجراح.