بقلم /مريم سفياني

الطور الملكوتي هل هو شيئ يصنع بالإرادة الإنسانية، أو أنه مرحلة حياتية يمر بها الإنسان مع تقادم عمره، وهل هو داخلي التكوين أي ذو علاقه بمراحل النمو (الجسدي، والعقلي، والنفسي) للإنسان،
وهل مرحلة السلام النفسي والحكمة العقلية ذات ارتباط بهذا الطور؟
ومتى يصل الإنسان إلى هذه المرحلة، ويتنعم بهذا الطور وماهي أعراض هذه المرحلة؟

تمر جميع الكائنات الحية بأطوار متتابعة من النمو، الجسدي والوظيفي، بما يتوافق مع احتياجها والغاية من وجودها، كذلك خليفة الله في أرضه “ابن آدم”، فابتداء من أطوار الخلق الأولى إلى العلقة، حتى طور الشيخوخة وأخرى في علم الله وحده!

الفرق بين ابن آدم وبقية الكائنات الأخرى كثيرة، وأهمها أن ميزه الله بميزات عقلية، ورغبات نفسية، تنمو وتتطور مع تطور جسده وشخصيته، ومنها الاختيار ورغبة الخلافة، وحب الملك والتملك وأخرى.

وهذه الرغبة تتضح في غريزة ابن آدم منذو طفولته، ابتداء من تملكه لأمه أو تملكه أول لعبة، وأول صديق أو حبيب له… الخ.

فكيف ينمو هذا الطور الملكوتي وما أدناه، وما هو أعلاه؟

وهل السلام العقلي =الطور الملكوتي؟

العقل فينا هو الرابط الوثيق بين عالمين، عالم الباطن “المعنوي” وعالمنا الظاهر “االمادي” كما أنه الحد الفاصل بين حياتين، حياة الروح المطلقة “العالم الأعلى” وحياة الشخصية البائدة العالم الأدنى “الدنيا”.

والسلام هو مرحلة ملكوتية تطفو فوق عالم الماديات وتتسامى بالمعنى إلى الملكوت الأعلى،

والسلام العقلي.. هو مصطلح اطلقته على توفيق العقل وتنسيقه بين هذين العالمين.

وهو مرحلة انسجام ورضا عال يجعلنا نقف عن الطمع، فلا نبتغي أو نطمع في شيء بعدها.

فعندما تستطيع أن تُعمِل عقلك وتجعل هدفه السلام، ستصل إلى طورك ونموك السامي، وهو سلامك الداخلي، وستجد سر القوة والوفرة الحياتية، التي لا خسارة معها.

فكيف نستطيع أن نصل بأنفسنا لهذه المرحلة أو الطور الملكوتي؟

استحث السلام فهو نواة الروح، استحث مشاعره وأفكاره،

بالتفكر الذي يُنشئ مشاعرك ويجعلها في حالة نشاط و استقطاب فجاذبية، ثم قم بتوجيهها حيث مصدر القوة الروحية والعقلية الدائمة، وذلك بالاتصال بقوة ووعي مع آيات الله،والآئه من حولك،

فمع الله وحده ستجد الإيجابية والحكمة من الأحداث والمتغيرات،

ستملك سلاح خفي تُجابِه به كل الأزمات، وتخرج منها بمشاعر الفوز والعظمة، بالرغم كل من كل الخسائر التي ستسقط منك،

ستجد بداخلك بصائر تمنحك الجبر والمدواة النفسية، فلن تحتاج معها إلى طبيب نفسي يطبب جراح قلبك، أو رفيق تُثقِل كاهله بقرودك وسوداوية أفكارك، فيحدثك عن الإيجابية بإسهاب ليسكب الماء على موضع حرقك الملتهب ويزيده بِلة لا غير.

مع السلام العقلي ستتفجر نواة السلام الروحي، و تبعث تردداتها في مشاعرك، فكرك، خواطرك وأحلامك، كلماتك كذلك أفعالك، ثم تتكاثر وتنتشر في كل مجال بالحياة وفي كل من يدور بمجالك،

حينها لن تنعم بالسلام العقلي فحسب بل ستصل إلى سلام كوني يجعلك تحتضن العالم كله في داخلك،

“وتحسب أنك جرم صغير، وفيك أنطوى العالم الأكبر”.