بقلم / عمرين محمد عريشي

لا يزال موعد رحلته متأخرا كعادته يحضر مبكرا يعشق تصفح وجوه المسافرين وتخيل مشاعرهم وتصور أحاسيسهم في تلك اللحظات الرائعة للبعض والحزينة للبعض…

هنا طفل يبكي بحرقة ووالداه يحاولان تهدئته لابد وأنه مفارق لأحبابه متجه للغربة ولا يريد السفر تبا للغربة ما أقساها على الكبار فكيف بالأطفال؟!

هناك طفلان تملأ الصالة ضحكاتهما وفرحهما وهما يطلبان من أبيهما أن يشتري لهم بعض الهدايا لأبناء أعمامهم وأخوالهم يبدو أنهما عائدان لأحضان وطنهما يا لهذه السعادة التي تشع من أعينهما كأنها الدنيا وجمالهما ….

في المقاعد المقابلة له عروسان يتهامسان ويضمان أيدي بعضهما بحب لا بد وأنهما في شهر العسل سرح قليلا بخياله وتنهد تنهيدة خفيفة غالبته دمعة حاول إخفاءها بيده

مجموعة من الشباب يتبادلون الضحك والمزاح ما أروع الصداقة 

مسافر يحمل بين يديه بحب رضيع صغير وزوجته تسير بجانبه لا تفارق عينها وجه الصغير تكاد أن تقبله بنظرات عيونها والفرح والسرور يغمر وجه الأبوين السعيدين بهذا الصغير الجميل تمتم بدعاء للصغير وهو يردد ما شاء الله

شاب يدفع أمه على كرسي متحرك وهي تئن من الألم وعيونه تذرف دمعا يمسحه بيده بين حين وآخر يبدو أن الطبيب أخبرهم أنه لا أمل هناك لشفائها هكذا حدّث نفسه

مسافر يسابق الوقت ليلحق بطائرته وآخر يمشي الهوينا ينظر في الشاشات يبحث عن بوابته 

الكثير من المشاعر والأحاسيس يتصورها تتغير الوجوه ولكن المشاعر نفسها تتكرر …. فجأة لمح رجلا مسنا على مقعد قريب يلتفت يمنة ويسرة والحيرة والقلق على عينية وكأنه طفلٌ صغير تائه في مدينةٍ كبيرة لا بد وأنه ينتظر أحد أبنائه لم يستطع أن يبعد عينيه عنه

زادت نظرات المسن قلقا وصاحبها ألم في هذه اللحظات يلتفت يمنة ويسرة يبحث عن شيءٍ ما … نهض عن كرسيه ذهب إليه سأله ماذا يريد فأجابه بأنه يريد دورة المياه ويشعر بجوعٍ شديدٍ 

ذهب به لدورة المياه ثم المطعم حاول أن يسأله عن اسمه ولكن لا يذكر أي شيء عن نفسه بل حتى كيف جاء إلى هنا ولا متى أو مع من

اعتصر الألم قلبه سقطت دموع عينيه رغما عنه فتش في جيوب المسن لم يجد سوى بعض الأوراق النقدية

اقترب موعد رحلته ذهب معه إلى الأمن سلمه لهم 

صعد طائرته ألقى بجسمه على المقعد وعقله مع ذلك المسن من هو ومن فعل به ذلك ولماذا؟!! أسئلة كثيرة تفتك بعقله فجأة سأل نفسه يا ترى هل سيصل لمحطته الأخيرة ذات رحلة أم ستكون نهايته كذلك المسن حائرا تائها في صالة انتظار