بقلم /أمل حسن جلال

 

لا يخفى على أحدكم أن الحقائب هامة لحفظ ممتلكاتنا. منها ما يحفظ النقود ومنها الورق وبعضها الملابس وبعضها للعطور وهلم جرة.. 

تفرغ تارة وتمتلئ أخرى بحسب الأسفار والحاجة.

 

 علما بأننا جميعا نحرص على الامتلاء والتزود دوما بما يفيض عن احتياجاتنا حتى تترفع أنفسنا عن ذل المسألة؛ إلا أن هناك حقيبة مفتوحة منذ بلوغنا سن الرشد والتمييز تلك الحقيبة التي نضع فيها بلا عمد بعضا من الذكر والتسبيح وآي المولى وبعض العمل الصالح في الكون الفسيح من صدقة وصيام وحج وصلة رحم وما أسهل التزود بالطاعات! من إماطة أذى عن طريق أو تبسم في وجه مسلم.. 

 

وتبقى تلك الحقيبة تحمل وتفيض بالخيرات لدى أناس وتفرغ لدى آخرين حيث يقدم سوء الظنون والعبوس والتفريط في العبادات ويخوض في المحرمات.

 

كلاهما يختلف فالذي وضع في حقيبته زاد الصالحات نجا من الهفوات ولقي ربه ضاحكا مستبشرا متى ما أتاه اليقين.

 

وعلى النقيض الذي ترك حقيبته مفتوحة على مصراعيها ولم يلتفت يوما لها فالتسويف والتأجيل ركيزته في الحياة ومتى ماجاءه اليقين قال ها ها لا أدري!

 

تخيل أنك مسافر لرحلة طويلة وقد قمت بتجهيز حقيبة مستلزماتك من وقت مبكر ستضع كل صغيرة وكبيرة في المكان المخصص وحينما يأتي موعد سفرك تخرج مرتاح البال واثقا بالاكتمال.

 

في حين أن الذي يباغتك اللحظة لترافقه في رحلة سيجعلك تضطر لوضع كل ما أمامك من مستلزمات سواء كانت ضرورية أم لا، وحين تصل وجهتك تكتشف أنك نسيت هذا وذاك ولم تحضر هذا ولم تكمل ذاك.

 

إن هذا هو حالنا مع أنفسنا وروحنا التي ترافقنا حتى آخر رمق.

 

 إن أعددنا الحقيبة من قبل سنعرف وجهتنا برحمة الله وفضله وسننام متيقنين العفو والرحمات لا نخشى خاشية.

 

أما إن كانت حقائبنا فارغة فسيباغتنا الموت ونطالبه الانتظار لعلنا نعمل صالحا فيما تركنا.

 

فليحزم كل منا أمتعته ويضع في حقيبته كلمة طيبة وبر وزيارة مريض وحسن خلق وسلامة صدر وجوار وكرم وخير فضائل. 

 

فمتى ما حان وقت الرحيل كنا مستعدين لتلك النهاية الحقة والتي لا يختلف عليها مسلمين ولنحرص جميعا على أن تكون حقائبنا ملأى بالتهليل والتكبير والتسبيح لا أن يتطاير منها ريش متاع الدنيا وملهياتها. 

مع تمنياتي للجميع برحلة سعيدة والموعد نهر الكوثر وشربة لا نظمأ بعدها أبدا وجنة بها فواكه وخيرات مما يشتهون.. جزاء بما صبرتم فنعم عقبى الدار والصبر حتى في كبح الشهوات وفعل الطاعات.

 قال تعالى:( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى).

 

جعلني المولى وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وجعل ما خطه يراعي حجة لي يثقل ميزاني ويغفر زلة لساني.