بقلم /أمل حسن جلال

أعمق الآبار

وكم من بئر سقط فيه أبناؤنا ونحن لا نشعر ولا ندرك مدى عمقه!

ذلك الطفل الصغير الذي سقط في بئر وأوجع الأمة الإسلامية سقوطه ليغدو طيرا من طيور الجنة بحول الله وقوته وهو غير مكلف ولا محاسب.

لكن الآبار الأخرى التي يسقط فيها الشباب كل حين تتسع فوهتها وتضيق كأنها براكين تسحق القيم وتحرق الشعور ولا من مغيث وكل منهم راشد بالغ عاقل مكلف

وكم من فتاة ركضت خلف الموضة العقيم وعمليات التجميل الزائفة فغيرت تلك الملامح البريئة لملامح شيطانية توحي بالجمال ظاهرا وتخفي من خفة العقل والحمق الكثير

وكم من شاب هرول إلى الميوعة والقصات الغير لائقة بالرجولة فشوهوا معالم النضج والأناقة الرجالية المعهودة بحجة مواكبة العصر وعجلة الزمان المتحضر..

حضارات زائفة وشعارات وهمية يرفعها كل منهم ليست الحضارة في لباس يهترئ بل بفكر وضاء وبناء شامخ متقن

وكلما نظرت لأنثى تتشبث بعمليات التجميل أجدها كغيرها لا رونق لها ولا تمييز نفس الأنف نفس الفم نفس الخد والقوام ثم أبحث عن المحتوى عن القيم عن الدين أجده صفرا.

خالية مجردة عارية الفكر .. بديهي جدا ذلك لطالما كان جسدها عار من اللباس المحتشم..

لطالما كنت أردد ذلك المثل (القناعة كنز لا يفنى) قناعة ورضا بكل ما منحنا الله من نعم ألا وأعظمها الدين والعقل الرصين

وكم تغزل الشعراء في المبسم الصغير وكم نفر الناس من كبر الشفاه التي أصبحت شغل بعض النساء الشاغل في الآونة الأخيرة ولا أعلم من أوهمهن أن الأنوثة أن يكون لك شفة كأوراق الخريف مبسوطة تنقبض وتنبسط وقت الحديث فتتهشم معاني الجمال عندها كأنها تحمل صخرة فوق مبسمها تحاول زحزحتها وقت الضحك والمزاح من أثقل تلك الشفاة؟! الموضة..

صدق حبيبي وقرة عيني صلوات ربي وسلامه عليه (لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه)

تغيير للخلقة دون وعي وإدراك دون استفسار
هل أنا بحاجة لذلك أم لا هل أعاني من مشكلة هنا وأقوم ما خربه الدهر والزمان؟! أم فقط أسعى لأكون كما يكونون..

إن الجمال الحقيقي ابني الشاب وابنتي الشابة بما حباك الله من فروق وقناعة عن ذاتك مهما كان مظهرك فأنت متميزة بتلك اللمحة (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) فلا تحاولي تغيير ذلك التقويم وتبديله لقش هشيم

تعهدي قلبك وضعي له مساحيق الاستغفار والتسبيح لينشأ بارا بتلك الأعضاء
تعهدي فكرك بالتأمل في خلق الله وحكمته في كل صغيرة وكبيرة تقابلك

تعهدي المواقف والآلام حولك وليس المسبب لها شكلك الخارجي بل عدم قدرتك على حسن التعامل معها فحينما تركك زوجك وتزوج بأخرى لم يتركك لأنها أجمل منك بل لأنها أكثر وعيا وحنكة
وحينما تركتك صديقتك فلم تتركك لأنها وجدت شكلا أجمل بل فكرا وقلبا أكثر وعيا وثقافة

حتى قلمي أشعر أنه سقط في بئر الأحزان وهو الآن ينزف ألما على ما ألم بالشباب والشابات من مصاب جلل ولم يخرج أحدنا لينقذ من سقطوا في عمق البئر العظيم والذي تجاوز طوله حد الدنيا فمتى نشعر ونتحد ونسرع لإنقاذ البقية؟!