بقلم /أمل حسن جلال

ذاك اليوم وذاك المكان 

تلك اللحظات المنتظرة والتي كنت أرقبها بفارغ الصبر، وتلك الآلام والوهن الذي حملته وهنا على وهن وذلك الوصب الذي لاقيته عند المخاض وتلك الانحناءات التي انحنيتها ليرضع صغيري وترضع صغيرتي 

كنت أفترش لهما صدري ليناما قريرين لم ألبث أن أنتزع من جسدي لأغطيهما بريش الحب والاهتمام كانا يضحكان ومع كل ضحكة يزول ألمي وأتناسى وجعي

ها هما يخطوان قد كبرا وكبرا جدا جدا حتى صارا أكبر مني والله أكبر

أصبحا يسخران من كلامي ومن شكلي أشعر عند الحديث معهما أنني لست كفئا لشيء فأنا لا أفهم ولا أعي رغم أنني عكس ذلك 

كان جسدي الذي حملهما يئن وتتهشم شراييني ألما ظننت أنهما سيربتا على جلدي الذي نحتَّه لتغطيتهما صغارا 

فقد كنت أخلعه لأغطي فاقتهما وأنا سعيدة بأنني أم والأم جود ساحله لا يجف تملؤه الذكريات واللآلئ والأصداف 

أنام فأتذكر تلك الضحكات أقف فأتذكر ذلك الموقف والصرخات أجلس فأبكي من قال وهات 

أنام على فراشي فتحرقني الدمعات والأنَّات 

آهات تلو آهات والابن بات عاقا والبنت باتت تنسى فضل الأمهات 

لا بأس سألملم جراحي وأنصت لحديث الجدات فقد كانا يقصان علينا قصص الأمهات من ضحَّت ومن شدَّت ومن ربَّت ومن ماتت بين قهر و سبات

ثم يوما يقصان علينا قصص العقوق والأبناء 

كنا نسمع كلاما قديما بات لا يُسمع ولا يُرى أي برِّ وأي إحسان؟!

ها هو الذي اشتد عوده صار يدفعني بيده التي كنت أقبلها حبا وفرحا قد رد الإحسان بالسوء سخطا 

وها هي ابنتي التي نضجت قد باتت تنظر لي بازدراء وكأنها ترجو لي الممات

أصبحت أقصًُ أجنحة العقوق حتى لا تطير الدعوات إلى السماء فتقع على الأرض وتهوي بها عمرا في العذاب 

لم أذكر يوما أنني كنت عاقة لذلك الحد الذي ينتهي بي للبكاء والمهلكات 

لم أبرح 

ثم تذكرت قول الله تعالى(يا أيها الذين ءامنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم)

 هنا زال العجب وغفرت وعفوت وصفحت فقد تبقى الأم هي الأم وإن لم تلقَ إحسانا.

أيُّها الأبناء رفقا بالوالدين فقد قرن الله عبادته بطاعتهما 

ولا تنسوا (ولا تقل لهما أفٍّ ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذُّل من الرحمة وقل ربِّ ارحمهما كما ربياني صغيرا).

أف وهي كلمة غير جارحة وليس بها تأنيب أو سب أو شتم فكيف بما دونها؟! 

اخفض لهما جناح الذل 

ثم الدعاء لهما ارحمهما كما ربياني صغيرا

وفقني الله وإياكم لما فيه كل البرِّ والإحسان لوالدينا اللهم آمييييين.