مشاري الوسمي

في كل زوايا النفس هناك انعكاسًا لها، صدى لصوتها ويقينًا بأنها ستأتي ذات مساء أو ذات شتاء.. انتظارها يعبر في مخيلتي كأنه قصة درامية من آلاف الفصول، يجردني من الإحساس بالحياة ويحرمني من تذوق مرها قبل حلوها.. تتساوى الأوقات تتشابه الوجوه ويبقى دفئها المهيمن المسيطر على ذاتي ..

رغم اللحظات الجميلة التى مررنا بها.. إلا أن لحظة وداعها حفرت جرحًا غائرًا بداخلي.. تفارقت حينها الأجساد وتعانقت الأرواح طويلًا.. كنت أشعر بأنفاسها رغم ابتعادها واختفائها عن ناظري واحترق شوقًا للحاق بها وضمها، للحديث معها أو الصراخ في وجهها.. فهيَّ رحلت بقلبي، بدفئي و بأحلامي .. تركتني كالرماد متناثرًا في الهواء .. فشلتُ مرارًا في جمع شتاتي والسيطرة على روحي الهائمة في سمائها.. إلى جانب جراحها كستني بصحراءٍ قاسية المعالم لا تمطر ولا تنبت إلا شوكًا ..

كنت ألومها كثيرًا و أبكي وحيدًا على وسادتي.. لماذا جرعتني هذا الألم و قست على قلبي كل هذه القسوة؟!. هل كنت فعلًا أستحقها، أما أنني لم أخبرها عن مدى عشقي لها ولم أُوريها مكانتها.. لقد أوجعني الفراق و استأصل الأمل بداخلي ، أغرقني في بحرٍ من الأحلام والأماني بأنها قد تعود يومًا وترسو على شواطئ أيامي، تزهر حياتي من جديد ويعود الماء يروي عطشي، تتزين سمائي بنجوم محياها وتطل من خلال الغيوم عيناها، تحتضني بنظراتها، ترعاني برمشها، فلا حزن ولا حرمان بعدها.. بين الذكرى والحلم والأمنية يبقى رجوعها سراب لا حياة فيه .. وأن عادت كيف يعود قلبي المهشم كما كان.. هل ستمطر سمائي عشقًا لتروي بهِ قصة حُبٍّ مبتورة قُسِّمَ ظهرها وهيَّ في ريعان شبابها وتكسرت أغصانها في ربيع أيامها وقد حرمتني لذة وصالها وأنا يتيمها؟! ..

عذرًا لا تعودي.. فلا ثلوج بالصيف ولا اخضرار في الخريف ولن يعود المجبور كما كان .. لن تطيب الجراح حتى لو إلتأمت وتعافت.. كوني ذكرى جميلة أستلذ عند استحضارها ، أركن إليها عند الفرار من زحمة الحياة ، تمطر عشقًا حين يشتد الحنين و تختنق الأمنيات ..

دمتم بحُبٍّ عشقهُ ماطر ..